١ - أن تخصيص المتعمد بالذكر لعظم ذنبه، تنبيهاً على وجوب ذلك الجزاء على من قصر ذنبه عنه من المخطئ والناسي من طريق أولى، لأن الواجب - وهو الجزاء - لما رفع أعلى الذنبين، فلأن يرفع الأدنى أولى. (١)
٢ - أن تخصيص المتعمد بالذكر، لأن الغالب - في أحوال الناس - أن قاتل الصيد لا يكون إلا متعمداً، فألحق به المخطئ وإن كان نادراً. (٢)
٣ - أن المتعمد إنما ذكر ليناط به الوعيد في قوله جل وعلا: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} المائدة:٩٥ إذ لا وعيد على المخطئ والناسي. (٣)
الترجيح: والقول الراجح هو: وجوب الجزاء على المحرم القاتل للصيد خطأً، لأنه متى أخلينا قاتل الصيد خطأ من إيجاب الجزاء، لم يجب عليه شيء آخر، فيكون لغواً عارياً من حكم، وذلك غير جائز.
ولأن الكفارات إنما تجب لرفع الجنايات سواء كانت عمداً أو خطأً. (٤)
وبهذا يتبين صحة ما قاله الإمام الطحاوي في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩٦)} المائدة:٩٦
(١) بدائع الصنائع (٢/ ٤٣٧).
(٢) أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ١٧٨).
(٣) تفسير ابن جزي (١/ ٢٥٠).
(٤) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٦٦٠).