الترجيح: والراجح هو القول الثاني لثبوته مرفوعاً إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وموقوفاً على غيره من الصحابة - رضوان الله عليهم - فلا ينبغي العدول عنه ولا المصير إلى غيره. (١)
وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} الأعراف:١٧٩.
قال أبو جعفر الطحاوي: أي: لا يفقهون بقلوبهم الخير، ولا يسمعونه بآذانهم لما قد غلب على قلوبهم وعلى أسماعهم، فمنعهم من ذلك.
(شرح مشكل الآثار -٧/ ٤٣٣ - ٤٣٤)
الدراسة
بين الإمام الطحاوي المعنى المراد من قوله جل وعلا: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} الأعراف:١٧٩
وما قاله الإمام الطحاوي هو قول: جمهور المفسرين.
حيث أن الله جل وعلا وصف في هذه الآية الكافرين المعرضين عن أمره ونهيه بالصفات التالية:
١ - الصفة الأولى: أن (لهم قلوب لا يفقهون بها).
أي: أن لهم قلوب لا يتفكرون ولا يتدبرون بها آيات الله الدالة على وحدانيته، وصحة ما جاء به الأنبياء عن ربهم، وبطلان ما هم عليه من كفر وضلال.
٢ - الصفة الثانية: أن (لهم أعين لا يبصرون بها).
أي: أن لهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله الدالة على وحدانيته نظرة اعتبار وتأمل.
٣ - الصفة الثالثة: أن (لهم آذان لا يسمعون بها).
(١) انظر: تفسير الطبري (٦/ ١١٠) - وتفسير الشوكاني (٢/ ٢٧٦) - وتحفة الأحوذي (٨/ ٣٦٢).