بين الإمام الطحاوي أن المراد بالاستغفار في الآية على ظاهره وهو طلب رفع المجازاة على الذنوب المتقدمة، كما بين أن هذا الاستغفار كان من بعض المشركين وليس منهم جميعاً كما هو ظاهر لفظ الآية.
وإليك بيان أقوال المفسرين في المراد (بالاستغفار) في الآية، وعمن كان:
- القول الأول: أن المراد بالاستغفار في الآية هو: حقيقة الاستغفار، الذي هو: طلب ترك المجازاة على الذنوب المتقدمة. كما في قوله جل وعلا: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} غافر:٥٥. (١)
- وعليه فمعنى الآية: وما كان الله ليعذب مشركي أهل مكة والمؤمنون الذين بينهم يستغفرون.
فوصفوا بصفة بعضهم، لأن المؤمنين كانوا بين أظهرهم، فأوقع العموم على الخصوص. كما يقال: قتل أهل الدار رجلاً، ولعله لم يفعل ذلك إلا رجل واحد.
- وهذا قول: ابن عباس - رضي الله عنه - والضحاك - وأبي مالك - وابن أبزي.
وقد رُد هذا القول: بأن الآية في سياق الإخبار عن الكافرين وعما الله فاعل بهم، فلا يصح أن يكون المراد بالذين يستغفرون: المؤمنون.
- القول الثاني: أن المراد بالاستغفار في الآية هو: حقيقة الاستغفار.
- وعليه فمعنى الآية: وما كان الله ليعذب مشركي أهل مكة وفيهم من يستغفر.
- وهذا قول: عكرمة - والحسن البصري - ومحمد بن إسحاق.
وقد رُد هذا القول: بأن استغفار المشركين لا أثر له في القبول. (٢)
- القول الثالث: أن المراد بالاستغفار في الآية هو: ترك الإشراك بالله والدخول في دين الإسلام.
كما في قوله جل وعلا: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} هود:٣.
- وعليه فمعنى الآية: وما كان الله ليعذب مشركي أهل مكة وفيهم من يدخل في دين الإسلام.
فليس المراد مجرد الاستغفار باللسان، إذ لا عبرة بالقول والفعل يخالفه.
(١) بصائر ذوي التمييز (٢/ ١٦٦).
(٢) انظر: تفسير الطبري (٦/ ٢٣٦) - وتفسير ابن الجوزي (٣/ ٢٣٨).