وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)} الأنفال:٤١.
قال أبو جعفر الطحاوي: قال أصحابنا: لا بأس أن يؤكل الطعام، والعلف، في دار الحرب بغير إذن الإمام، وكذلك الحيوان، وإن أخرج منه شيئاً إلى دار الإسلام، وكان غنيمة، وهو قول مالك، والثوري، والليث، والشافعي.
وقال الأوزاعي: ما أخرجه من ذلك إلى دار الإسلام، فهو له أيضاً.
قال أبو جعفر: قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الأنفال:٤١ الآية. ظاهره: أن يكون الجميع غنيمة، إلا أنهم متفقون على إباحة أكل الأطعمة هناك، وإعلاف الدواب منها، فخص ذلك من الآية، وحكم العموم باق فيما عداها.
وقد روي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، يأتي أحدنا إلى طعام من الغنيمة، فيأخذ منه حاجته) (١)
وعن خالد بن عمير (٢)، قال: (شهدت الأبلة (٣)
(١) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب: الجهاد - باب: في النهي عن النُهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو - (حـ ٢٧٠٤ - ٣/ ١٥١).
والبيهقي في سننه - كتاب: السير - باب السرية تأخذ العلف والطعام - (حـ ٥ - ٩/ ٦٠).
(٢) خالد هو: خالد بن عُمير العدوي الهلالي البصري، وثقة ابن حبان وغيره (تهذيب الكمال - ٢/ ٣٦١).
(٣) قوله (شهدت الأبلة): (الأبلة) بضم أوله وثانيه، وتشديد اللام وفتحها، اسم لبلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى، في زاوية الخليج الذي يدخل
إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة. (معجم البلدان - ١/ ٧٦).