- ومن أدلة القول بأن المسكين أشد حاجة من الفقير ما يلي:-
١ - قوله جل وعلا: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} البلد:١٦ فوصف هذا المسكين بكونه ذا متربة، وذلك يدل على نهاية الضر والشدة.
وقد رد هذا الاستدلال:
بأن تقييد المسكين بهذا القيد: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} يدل على أنه قد يحصل مسكين خال عن هذا القيد، وإنما يكون كذلك بتقدير أن يملك شيئاً. فدل هذا على أن وصف الإنسان بكونه مسكيناً لا ينافي كونه مالكاً لشيء من المال، ولو لم نقل بهذا لم يبق لهذا القيد: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} فائدة. (١)
٢ - ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ليس المسكين بهذا الطَّوَّاف الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن الناس له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس). (٢)
ومعنى الحديث: أنه ليس المسكين حقاً على الكمال بهذا الطواف، لأن هناك مسكيناً أشد مسكنة من هذا الطَّوَّاف وهو المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يسأل الناس ولا يظهر عليه أثر الحاجة فيتصدق عليه. (٣)
وقد رد هذا الاستدلال: بأن لفظ (المسكين) الوارد في الحديث إنما ورد على نحو ما جرى به استعمال الناس من تسميتهم أهل الفقر مساكين، لا على اعتبار بيان حقيقة المسكين، وبيان الفرق بينه وبين الفقير. (٤)
(١) تفسير الرازي (١٦/ ١٠٨).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الزكاة - باب قول الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} البقرة:٢٧٣ وكم الغنى
(ح- ٢/ ٥٣٨) - ومسلم في صحيحه - كتاب الزكاة - باب: المسكين الذي لا يجد غنى، ولا يفطن له فيتصدق عليه (ح ٢٣٩٠ - ٧/ ١٣٠).
(٣) التمهيد لابن عبد البر (١٨/ ٤٩).
(٤) تفسير الطبري (٦/ ٣٩٧).