ومما يؤيد أن السمعاني فاعل لما يخبر به ويحض عليه كونه رحمه الله فقيها وله من المؤلفات في هذا الفن ما قد جمع مئات المسائل الفقهية فيها، حتى أنه قال حفيده أبو سعد عن كتابه (البرهان في الفقه): «وصنف في الخلاف البرهان، وهو مشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية» (١).
وقال عن كتابه «المختصر» والموسوم بالاصطلام: وصنف المختصر الذي سار في الآفاق والأقطار الملقب بالاصطلام (٢).
ومن الأمثلة على الاستنباطات الفقهية
- ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} البقرة ١٧٣.
قال السمعاني - رحمه الله -: " ومعنى قوله تعالى: {وَلَا عَادٍ} ولا متعد، عاص في سفره. ففي هذا دليل على أن العاصي في سفره لا يترخص بأكل الميتة ". (٣)
- ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} البقرة ١٩٦.
قال السمعاني - رحمه الله -: " ثم اعلم أن العمرة واجبة، وهو قول ابن عمر، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه سنة، وهو مروي عن جابر. والدليل على
(١) الأنساب (٧/ ١٣٩).
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: تفسير السمعاني (١/ ١٦٩)، والاستنباط رقم (١٤).