تحليل الاستدراك ودراسته
وردَ عن الجَحْدَرِيّ قراءتان في قوله: {لِيَحْكُمَ}:
١ - (ليُحْكَم) بالبناء للمفعول، وهي القراءة التي نقلها عنه الناس (١).
٢ - (لنَحكُم) بنون العظمة، وهي القراءة التي نقلها عنه مكيّ بن أبي طالب.
قال ابن عطية معلقاً على ما نقله مكي عن الجَحدري: " وأظنه تصحيفاً؛ لأنه لم يحكِ عنه البناء للمفعول كما حكى الناس". اهـ
فردّ السمين على ابن عطية قائلاً بأنه لا ينبغي أن يُغَلّطَ مكيّ؛ لاحتمال أن يكون عن الجحدريّ قراءتان: بالبناء للمفعول، وبنون العظمة.
وأيضاً يظهر من كلام أبي حيان أنه لم يوافق ابن عطية فيما ذهب إليه حيث قال في البحر المحيط: "وظنَّ ابنُ عطية هذه القراءة تَصْحيفًا قالَ ما معناه: لأنّ مَكِّيًّا لَمْ يَحْكِ عن الجَحْدَرِيِّ قراءَتهُ التي نقلَ النَّاسُ عنه، وهي: (لِيُحْكَمَ) على بناء الفعل للمفعول، ونقل مكِّيٌّ (لِنَحْكُمَ) بالنُّون". اهـ (٢)
هذا: والقول بالتصحيف واردٌ لسببين:
١ - أنّ مكياً لم ينقل عن الجَحدري القراءة التي نقلها عنه الناس بالبناء للمفعول، وهذا السبب ذكره ابنُ عطية.
٢ - أنّ مكياً تفرّد بنقل هذه القراءة عن الجَحدري، ولم أجدها عند غيره، وقد ذكرها في (الهداية) (٣) ولم يذكرها في كتبه الأخرى.
إلا أنه لا يُمكن الجزم بوقوع التصحيف؛ لأن مكيَّ بن أبي طالب من الأئمة الثقات الأثبات، فيحتمل كما قال السمين: أن يكون للجحدري قراءتان: بالبناء للمفعول، وبنون العظمة.
* * *
(١) منهم: أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن (١: ١٠٧)، وابن جبارة الهذلي في الكامل في القراءات (ص: ٥٠٣)، وأبو البقاء في إعراب القراءات الشواذ (١: ٢٤٥)، والقرطبي في تفسيره (٣: ٣٢).
(٢) تفسير أبي حيان (٢: ٣٦٦)
(٣) ينظر: الهداية إلى بلوغ النهاية (١: ٦٩٩).