وغير ذلك مما يوردونه.
ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا, لكنا نقول: إنه يكون بمعناه١ في موضع دون موضع على حسب الأحوال٢ الداعية إليه، والمسوغة٣ له, فأما في كل موضع وعلى كل حال فلا، ألا ترى أنك٤ إن أخذت بظاهر هذا القول غفلًا هكذا, لا مقيّدًا لزمك عليه أن تقول: سرت إلى زيد, وأنت تريد: معه, وأن تقول: زيد في الفرس, وأنت تريد: عليه, وزيد في عمرو, وأنت تريد: عليه في العداوة, وأن تقول: رويت الحديث بزيد, وأنت تريد: عنه, ونحو ذلك مما يطول ويتفاحش. ولكن سنضع في ذلك رسمًا يعمل عليه, ويؤمن التزام الشناعة لمكانه.
اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر, وكان أحدهما يتعدَّى بحرف والآخر بآخر, فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانًا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر, فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه. وذلك كقول الله -عز اسمه: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ٥ وأنت لا تقول: رفثت إلى المرأة, وإنما تقول: رفثت بها أو معها, لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء, وكنت تعدي أفضيت ب"إلى" كقولك: أفضيت إلى المرأة, جئت ب"إلى" مع الرفث إيذانًا وإشعارًا أنه بمعناه, كما صححوا عور وحول لمَّا كانا٦ في معنى
١ في د، هـ، ز: "معناه".
٢ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "الحال".
٣ سقط حرف الطف في د، ب، ز.
٤ كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "إذا".
٥ آية ١٨٧، سورة البقرة.
٦ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "كان".