ففصل بين حرف الجر ومجروره بالظرف الذي هو "منها", وليس كذلك حرف العطف في قوله:
ويومًا أديمها نغلا
لأنه عطف على الناصب الذي هو ترى١, فكأن الواو أيضًا ناصبة, والفصل بين الناصب ومنصوبه ليس كالفصل بين الجار ومجروره.
وليس كذلك قوله ٢:
فصلقنا في مراد صلقة ... وصداء ألحقتهم بالثلل٣
"فليس منه"٤ لأنه لم يفصل بين حرف العطف وما عطفه٥، وإنما فيه الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالمصدر الذي هو "صلقة", وفيه أيضًا الفصل بين الموصوف الذي هو "صلقة" وصفته التي هي قوله "ألحقتهم بالثلل"٦ بالمعطوف والحرف العاطفة, أعني قوله: وصداء, وقد جاء مثله أنشدنا ٧:
أمرّت من الكتّان خيطًا وأرسلت ... رسولًا إلى أخرى جريًّا يعينها
أراد: وأرسلت إلى أخرى رسولًا جريًّا.
١ كذا في ش. وفي ز، ط: "تراها".
٢ أي: لبيد. وانظر اللسان "ثلل" و"صلق"، والديوان.
٣ من قصيدته التي أولها:
إنّ تقوى ربنا غير نقل ... وبإذن الله ريثي وعجل
وبعد الشاهد:
ليلة العرقوب لما غامرت ... جعفر تدعى ورهط ابن شكل
يقال: صلق بني فلان وفي بني فلان: أوقع بهم وقعة منكرة. ومراد وصداه: قبيلتان. والثلل: الهلاك. ويوم العرقوب: من أيام العرب؛ كما في ياقوت. وانظر الديوان ٢/ ١٤.
٤ كذا في ز؛ ط. وسقط ما بين القوسين في ش.
٥ كذا في ش. وفي د، هـ، ز: "عاطفة" وهو تحريف عن "عاطفه" على صيغة الفعل من المفاعلة.
٦ في د، هـ، ز: "بالثلك" كما تقدَّم في البيت وهو تحريف كما سبق.
٧ في د، هـ، ز: "أنشدنا"، والجريّ: الرسول لجريه في أداء رسالته.