والأحسن عندي في يعقوب من قوله -عز اسمه: {وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} فيمن فتح أن يكون في موضع نصب بفعل مضمر دلَّ عليه قوله: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} أي: وآتيناها يعقوب, فإذا فعلت ذلك لم يكن فيه فصل بين الجار والمجرور. فاعرفه.
فأما قوله:
فليست خراسان التي كان خالد ... بها أسد إذ كان سيفًا أميرها
فحديثه طريف. وذلك أنه -فيما ذكر- يمدح خالد بن الوليد ويهجو أسدًا, وكان أسد وليّها بعد خالد "قالوا فكأنه"١ قال: وليست خراسان بالبلدة التي كان خالد بها سيفًا؛ إذ كان أسد أميرها, ففي٢ كان على هذا ضمير الشأن والحديث, والجملة بعدها التي هي "أسد أميرها" خبر عنها. ففي هذا التنزيل أشياء: منها الفصل بين اسم كان الأولى وهو خالد, وبين خبرها الذي هو "سيفًا" بقوله: "بها أسد إذ كان" فهذا واحد.
وثانٍ: أنه قدَّم بعض ما "إذ" مضافة إليه وهو أسد عليها, وفي تقديم المضاف إليه أو شيء منه على المضاف من القبح والفساد ما لا خفاء به ولا ارتياب, وفيه أيضًا أن "أسد" أحد جزأي الجملة المفسرة للضمير على شريطة التفسير, أعني: ما في٣ كان منه. وهذا الضمير لا يكون تفسيره إلّّّّا من بعده. ولو تقدَّم تفسيره قبله لما احتاج إلى تفسير, ولما سمَّاه الكوفيون الضمير٤ المجهول.
١ كذا في ش، ط. وفي د، هـ، ز: "فقالوا كأنه".
٢ كذا في ش. وفي د، هـ، ز: "وفي".
٣ سقط في هذا الحرف في د، هـ، ز.
٤ في المغني "المواضع التي يعود الضمير فيها على متأخر لفظًا ورتبة": "ضمير المجهول".