وهذا هديٌ نبويٌ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستمع لقراءة أبي موسى ليلا، ولما أصبح قال له: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة؟! لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود» (١).
- وكان في صلاته من أشبه الناس بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فعن قيس بن الحارث، عن أبي عبد الله الصنابحي، عن أبي الدرداء، قال: «ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أميركم هذا -يعني: معاوية-.
قيل لقيس: أين صلاته من صلاة عمر؟ قال: لا أخالها إلا مثلها» (٢).
فلا غَرْوَ بعد ما تقدَّم أن ينعته حبر هذه الأمة، وترجمان القرآن: عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -؛ بالفقيه.
فعن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، قال: «قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة؟ قال: أصاب، إنه فقيه» (٣).
وقد ذكره ابن حزم ضمن مرتبة المتوسطين في الفتيا من الصحابة - رضي الله عنهم - (٤).
٢ - ستر الناس، والعفو والتجاوز عنهم
وهذا مما انتفع به من مجالسته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسماعه الحديث منه، يبين ذلك تلك الرواية:
عن راشد بن سعد، عن معاوية، قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم».
فقال أبو الدرداء: «كلمة سمعها معاوية من رسول الله نفعه الله تعالى بها» (٥).
(١) صحيح مسلم (٧٩٣).
(٢) رجاله ثقات: أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (٢٨٢، ٢٨٣)، وأبو نعيم في الحلية (٨/ ٢٧٥)، وقال الهيثمي في المجمع (٩/ ٣٥٧): "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير قيس بن الحارث المذحجي، وهو ثقة".
(٣) صحيح البخاري (٣٧٦٥).
(٤) الإحكام في أصول الأحكام (٥/ ٩٣).
(٥) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٤٨٨٨).