قال ابن كثير -مُعلِّقا على كلام أبي الدرداء-: «يعني أنه كان جيد السيرة، حسن التجاوز، جميل العفو، كثير الستر، رحمه الله تعالى» (١).
ومما يدل على عفوه وتجاوزه عن الناس وهو متمكنٌ منهم ما يلي:
- عن وائل بن حجر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضا، قال: فأرسل معي معاوية أن أعطها إياه، أو قال: أعلمها إياه ـ
قال: فقال لي معاوية: أردفني خلفك، فقلت: لا تكون من أرداف الملوك، قال: فقال: أعطني نعلك، فقلت: انتعل ظل الناقة، قال: فلما استُخلف معاوية أتيته، فأقعدني معه على السرير، فذكرني الحديث.
قال: وددت أني كنت حملته بين يدي» (٢).
- وكان الرجل يوقفه ويقاطعه، ويغلظ له النصيحة والكلام؛ فيقبل منه ولا يؤاخذه.
فعن عبد الله بن عون قال: «كان الرجل يقول لمعاوية والله لتستقيمن بنا يا معاوية، أو لنقومنَّك، فيقول لهم: بماذا؟ فيقولون: بالخشب، فيقول لهم: إذاً أستقيم» (٣).
وهذه الصفة -مع الصفة التالية- كان لها أثرٌ كبير في ثبات ملكه، ومحبة الناس له.
(١) البداية والنهاية (١١/ ٤١٩).
(٢) إسناده حسن: أخرجه أحمد (٢٧٢٣٩)، وابن حبان (٧٢٠٥)، وفي سنده سماك بن حرب، صدوق، كما في التقريب (٢٦٢٤).
(٣) إسناده صحيح إلى ابن عون: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١٨٤)، ويبقى النظر في سماع ابن عون من معاوية، ويبدو أنه لم يسمع منه، لأنه لم يسمع من أنس بن مالك الذي تأخرت وفاته -كما في جامع التحصيل (ص: ٢١٥) - فهو من سماعه من معاوية أبعد، والله أعلم.
وللأثر طريق آخر أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٥٩/ ١٨٤ - ١٨٥)، وفي سنده محمد بن الحسن، أبو بكر ابن دريد، متكلَّمٌ فيه، كما في اللسان (٧/ ٧٩).