القسم الثاني: ما ورد في شأن طائفة خاصَّة منهم، أو أفراد بأعيانهم، وهذا ما يعنينا في هذا المقام، لأنه محل البحث، وموطن النزاع.
وهذا القسم الثاني يمكن تقسيمه هو أيضا إلى صنفين من الأدلة:
الصنف الأول: ما ورد بخصوص طائفة معينة من الصحابة، ومعاوية - رضي الله عنه - داخل معهم، ومن ذلك:
أ- حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا (١)»، قالت أم حَرَام بنت ملحان -خالة أنس بن مالك-: قلتُ: يا رسول الله! أنا فيهم؟ قال: «أنت فيهم»، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم»، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: «لا» (٢).
فهذا الجيش الذي غزا البحر كان معاوية منهم، بل هو أميرهم، فهو داخل في هذا النص وهذا الثواب، إن شاء الله تعالى (٣).
قال الحافظ ابن حجر: «قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية؛ لأنه أول من غزا البحر» (٤).
ب- حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، وتكون بينهما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة» (٥).
فهذه شهادة نبوية لمعاوية ومن معه أنهم كطائفة علي بن أبي طالب ومن معه، على الإسلام والإيمان، ولهما دعوى واحدة.
قال النووي: «وفيه التصريح بأن الطائفتين مؤمنون، لا يخرجون بالقتال عن الإيمان ولا يفسقون» (٦).
(١) أوجبوا: أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة، كما في فتح الباري (٦/ ١٠٣).
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٢٩٢٤) -واللفظ له-، ومسلم (١٩١٢).
(٣) انظر بعض الشبهات حول هذا الحديث والرد عليها في: سل السنان (ص: ٢١٧ - ٢٣٤).
(٤) فتح الباري (٦/ ١٠٢).
(٥) متفق عليه: أخرجه البخاري (٦٩٣٥)، ومسلم (١٥٧)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٦) شرح صحيح مسلم (٧/ ١٦٨).