منكرة المتن.
قال مُهنَّا: «سألت أحمد عن حديث الأعمش، عن أبي وائل، أن معاوية لعب بالأصنام. فقال: ما أغلط أهل الكوفة على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يصحح الحديث» (١).
وهذا قاله الإمام أحمد في حق من قال: «أن معاوية لعب بالأصنام»، فكيف بمن قال أن معاوية بيعها (٢)!! وقد تقدَّم معنا قول هشام بن عمَّار للبلاذري -وهو راوي هذا الخبر-: «نظرتُ في أحاديث معاوية عندكم، فوجدتُ أكثرها مصنوعا».
الشبهة الرابعة: سمُّ معاوية للحسن بن علي - رضي الله عنه -:
عن ابن جُعْدُبة قال: «كانت جعدة بنت الأشعت بن قيس تحت الحسن بن عليّ، فدسّ إليها يزيد أن سمي حسناً أني مزوجك، ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه جعدة تسأل يزيد الوفاء بما وعدها، فقال: أنا والله لم نرضك للحسن، فنرضاك لأنفسنا؟!».
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
أولاً: أن القصة واهية الإسناد (٣).
قال شيخ الإسلام ابن تيْميَّة: «وأما قوله (٤): إن معاوية سم الحسن؛ فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به. وهذا مما لا يمكن العلم به، فالقول به قول بلا علم» (٥).
وقال الذهبي: «هذا شيء لا يصح، فمن الذي اطلع عليه» (٦).
وقال ابن كثير -بعد أن نقل الرواية المذكورة-: «وعندي أن هذا ليس بصحيح، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى» (٧).
وضعَّف ذلك أيضا ابن خلدون (٨).
ثانياً: ليس في القصة ذكرٌ لمعاوية بن أبي سفيان!
(١) المنتخب من علل الخلال (١/ ٢٢٧).
(٢) سلُّ السنان (ص: ٢٥٣).
(٣) إسناده ضعيف جدا: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١٣/ ٢٨٤)، فابن جعدبة: هو يزيد بن عياض المدني، كذَّبه مالك وغيره، كما في التقريب (٧٧٦١).
(٤) يعني: ابن المطهر الحلي الرافضي.
(٥) منهاج السنة (٤/ ٤٦٩).
(٦) تاريخ الإسلام (٤/ ٤٠).
(٧) البداية والنهاية (١١/ ٢٠٩).
(٨) تاريخ ابن خلدون (٢/ ٦٤٩).