أهلك نسألك، قال: فأبوها" (١). ولعلَّ من جملة أسباب زيادة محبَّته - صلى الله عليه وسلم - لها - رضي الله عنها - كثرة حفظها وتبليغها عنه - صلى الله عليه وسلم -.
الأمر بمحبّة عائشة - رضي الله عنها -
كَانَ المُسْلِمُونَ يعلمون حُبَّ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأمِّ المؤمنين عَائِشَةَ - رضي الله عنها -؛ فقد صرَّح بأنَّها أحبُّ النَّاس إليه. فكان أَحَدهمْ إذا أراد أن يهدي هَدِيَّةً إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ عَائِشَةَ أهدى إليه، طلباً لسروره ورضاه، روى الشّيخان عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: " أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢).
فحملت الغيرة بعض أزواج النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يطلبْنَ مِنه المساواة في المحبَّة، وأن يأمر النَّاس بأن يهدوا لَه حيث كان. وكلا الأمرين لا يجب على النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فمحبّة القلب لا يملكها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أمَّا طلب الهديَّة فما كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يطلب ذلك مِنْ أصحابه - رضي الله عنهم -؛ لأنَّه ينافي كماله - صلى الله عليه وسلم -.
فأرسلْنَ فاطمة - رضي الله عنها - لعظيم منزلتها عنده - صلى الله عليه وسلم -، فكلَّمته، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟ فَقَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَأَحِبِّي هَذِهِ" يعني عائشة - رضي الله عنها -.
روى الشَّيخان عن عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: " أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ
(١) ابن حبّان "التّعليقات الحسان " (ج ١٠/ص ١٩٤/رقم ٧٠٦٣) وقال الألباني: صحيح.
(٢) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (م ٢/ج ٣/ص ١٣١) كتاب الهبة، ومسلم "صحيح مسلم بشرح النّوويّ" (م ٨/ج ١٥/ص ٢٠٥) كتاب فضائل الصّحابة.