القواعد الحسان لمن سمع حديث الإفك والبهتان
جاء حديث الإفك صيانة للمجتمع من خَرْص الخرَّاصين، وأقاويل المنافقين. ومَنْ نَظَرَ بعين عقله، وسمع بأذن قلبه، خرج بخمس قواعد حسان، حقيق أن يأخذ بها كلُّ إنسان سمع حديث الإفك والبهتان، أوَّلها: أن لا يصغي المرء إلى حديث الإفك ولا يطرق أُذُنه، وأن ينزِّه سمعه ويحمى بصره، حتّى لا يكون شريكاً فيه، وقد تقدّم قول زينب أمّ المؤمنين - رضي الله عنها -: "أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي".
ثانيها: جدير به أنْ يَعْرِضَ حديث الإفك على نفسه، فإذا كان لا يصدِّقه على نفسه، فمن الأولى أن لا يصدّقه على غيره من المؤمنين، فلا يظنّ بهم إلّا خيراً، {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا (١٢)} النّور.
ثالثها: أن يرجع إلى الأمر المعلوم المحقَّق عنده من إيمان المؤمنين الوازع والمانع عن البهتان، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)} الأحزاب، فوجاهته عند الله - عز وجل - تدفع عنه وتبرِّئه، وقوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ (٣٢)} الأحزاب، فشرف المنزلة يدفع عنهنَّ الإفك ويفضحه.
رابعها: أن لا ينقل حديث الإفك ويذيعه إذا لم يكن في ذلك مصلحة للأمَّة، وقد عاب الله تعالى على نَاسٍ سُوءَ سَمْعهم وقَوْلهم وأكلهم، فقال تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ (٤١)} المائدة، وقال
تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ (٤٢)} المائدة.
خامسها: يلزمه أن يطالب ناقل الشَّائعة بالدَّليل والبرهان، وقد قَال الله