تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (١٣)} النّور، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦)} الحجرات.
الحكمة من نزول براءة عائشة - رضي الله عنها - وحياً يتلى
قد يسأل سائل: لماذا لم تكن براءة عائشة - رضي الله عنها - وحياً على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو رؤيا رآها، وإنَّما وحياً يُتْلَى؟!
والجواب: جاءت براءَتها محكمةً في كتاب الله تعالى حتَّى تكون براءةُ عائشة - رضي الله عنها - ثابتةً قطعاً لا ظنّاً، والمؤمنون إذا تليت عليهم آيات الله تعالى تزيدهم إيماناً، كما قال - جل جلاله -: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ (١) إِيمَانًا (٢)} الأنفال.
أمَّا المنافقون الَّذين على قلوبهم أغطية وفي آذنهم صَمَمٌ، فلو جئتهم بكلِّ آية لا يؤمنون بها، {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (٥٧)} الكهف، {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١)} المائدة.
فحتَّى يومنا هذا هناك مَنْ يَصْرِفُ الآياتِ عن براءة عائشة - رضي الله عنها -، ويزعم أنَّها نزلت في براءة مارية - رضي الله عنها - ممَّا رمتها به عائشة - رضي الله عنها -، وهذا كلام غليظ تَنْبُو عنه
(١) إسناد زيادة الإيمان إلى الآيات مجاز عقليّ، لأنَّ الآيات ليست هي الَّتي تزيد الإيمان حقيقة، وإنَّما هي سَبَبٌ، والمعنى أنَّ الله تعالى زادهم إيماناً بسبب الآيات، فهو من باب التَّجوُّز في الإسناد.