أَرْضَهُ فَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَذَلِكَ إِلَى الْإِمَامِ يَدْفَعُهَا إِلَى مَنْ يُعَمِّرُهَا لَا تُخَرَّبُ، تَصِيرُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
فَقَدْ مُنِعَ مِنْ تَرْكِ عِمَارَةِ أَرْضِ الْخَرَاجِ عَلَى وَجْهِ الْخَرَابِ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِالْخَرَابِ فِي حُكْمِ الْمَوَاتِ فَيَتَضَرَّرُ أَهْلُ الْفَيْءِ وَغَيْرُهُمْ بِتَعْطِيلِهَا وَإِنْ أُدِّيَ عَنْهَا الْخَرَاجُ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً ثُمَّ تَرَكَهَا لَمْ يُطَالَبْ بِعِمَارَتِهَا: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ فِي رَجُلٍ أَحْيَا أَرْضَ الْمَوَاتِ، فَيَحْفِرُ فِيهَا بِئْرًا أَوْ يَسُوقُ إِلَيْهَا مَاءً أَوْ يُحِيطُ عَلَيْهَا حَائِطًا ثُمَّ يَتْرُكُهَا، قَالَ: هِيَ لَهُ، قِيلَ لَهُ: فَهَلْ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ إِذَا تَرَكَهَا؟ قَالَ: لَا.
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الصَّقْرِ: إِذَا أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً وَزَرَعَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى عَادَتْ خَرَابًا فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّهُ بِإِحْيَائِهَا قَدْ مَلَكَهَا، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ، وَغَايَتُهَا أَنْ تَعُودَ مَوَاتًا كَمَا كَانَتْ، وَأَمَّا أَرْضُ الْخَرَاجِ فَهِيَ مِلْكٌ لِأَصْحَابِ الْفَيْءِ، فَلَيْسَ لَهُ تَعْرِيضُهَا لِلْخَرَابِ وَتَعْطِيلُهَا عَلَيْهِمْ.
فَصْلٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ
٥٦ - فَصْلٌ
فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَا لَا يَنَالُهُ الْمَاءُ مِنَ الْأَرْضِ هَلْ يُوضَعُ عَلَيْهِ خَرَاجٌ أَمْ لَا، وَعَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ.