في «مصنفه» (١): حدثنا أبو بكر بن عياش عن حُصين عن مجاهد قال: ما رأيت ابنَ عمر يرفع يديه إلا في أول ما يفتتح.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
قال الطحاويّ (٢): «فهذا ابن عمر قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه، ثم قد ترك هو الرفع بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخ ما قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلَه، وقامت عليه الحجة بذلك.
قال: فإن قال قائل: هذا حديث منكر.
قيل له: وما دلَّك (٣) على ذلك؟ فلن يجد إلى ذلك سبيلًا.
فإن قال: فإنّ طاووسًا قد ذكر أنه رأى ابن عمر يفعل ما يوافق ما رُوي عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك (٤).
قيل له: فقد ذكر طاووسٌ ذلك، وقد خالفه مجاهد. فقد يجوز أن يكون ابن عمر فعل ما رآه طاووس يفعله قبل أن تقوم عنده الحجةُ بنسخه، ثم قامت عنده الحجة بنسخه، فتركه وفعل ما ذكره مجاهد.
هكذا ينبغي أن يُحمل ما روي عنهم، ويُنفى عنه الوهم، حتى يتحقق
(١) رقم (٢٤٦٧). وقد تقدم تخريجه، وأنه حديث منكر (ص ٨٨ - ٩٢، ١٠٧).
(٢) في «شرح معاني الآثار»: (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦).
(٣) كذا في الأصل وكتاب الطحاوي، وفي (ف): «دليلك».
(٤) تقدم تخريج أثر طاووس (ص/٣١).