{وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤) وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥) لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)}
{وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ} خبر معناه الأمر، قال بعضهم: إن كان الحمل تسعة أشهر فترضع واحدا وعشرين شهرا عملا بقوله: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} الأحقاف: ١٥ وإن كان الحمل ستة أشهر فترضع أربعة وعشرين شهرا. وقيل: الآية على عمومها سواء طالت مدة الحمل أو قصرت. والمولود له: هو الأب {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} أي: الوالدات المستمرات على الزوجية. وقيل: المطلقات. وقيل: الأمهات. (١٦ /ب).
{لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها} قيل: معناه لا تضارر {والِدَةٌ} فاعل {وَلا} يضار أب {مَوْلُودٌ لَهُ} بأن يريد قلعه منها وقد ألف ثديها. وقيل: معناه لا تضارر «ووالدة» مفعول لم يسم فاعله. أي: لا ينتزع الولد منها كرها وهي راغبة في رضاعته بأجرة مثله ولا يضارر الأب أيضا. وقوله: {وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ} قيل: المراد: وعلى الباقي من الأبوين.
وقيل: وعلى العصبة الوارثين إرضاعه، كما لهم ميراثه لو مات وله مال. وقيل: وعلى الوارث مطلقا عصبة كان أو غير عصبة. {فَإِنْ أَرادا فِصالاً عَنْ تَراضٍ مِنْهُما وَتَشاوُرٍ} من غير ضرر يلحق الولد {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا} الولد أي: لأولادكم {إِذا سَلَّمْتُمْ ما} قررتم من الأجرة، وليس التسليم شرطا فلو قرر لها في ذمته شيئا ورضيت به جاز.
أي: وأزواج {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} فإذا انقضت العدة فلها أن تتصرف بالخروج من المنزل وترك الإحداد. والتصريح بخطبة المعتدة حرام.
وأما التعريض كقوله: رب راغب فيك، مثلك ما تبقى بغير زوج، ولعل الله أن ييسر لي تزويجا - فهو جائز في عدة الوفاة؛ إذ لا زوج يتأذى بالخطبة، وهو حرام في الرجعية وفي البائن قولان للشافعي (١). {لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا} أي: نكاحا؛ كقول الشاعر من الطويل:
(١) ينظر في ذلك: الأم للشافعي (٥/ ١٩٠)، بدائع الصنائع (٣/ ٣٢٢)، المبسوط للسرخسي (٧/ ٦١٨)، المغني لابن قدامة (٧/ ٥٢٤).