وقيل: هو الوتر بعد العشاء الآخرة. و {وَأَدْبارَ} جميع دبر، وقرئ "إدبار" (١) من أدبرت الصلاة: إذا قضيت وتمت؛ كقولهم: آتيك خفوق النجم وغروب الشمس.
{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٤١) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢) إِنّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ (٤٤) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ (٤٥)}
{وَاسْتَمِعْ} يعني: ما أخبرك به من حال {يَوْمَ} وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به وانتصب {يَوْمَ يُنادِ} بما دل عليه {ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} أي: يوم ينادي المنادي يخرجون و {يَوْمَ يَسْمَعُونَ} بدل من {يَوْمَ يُنادِ} و {يُنادِ} إسرافيل، يقول: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة: إن الله يأمر كن أن تجتمعن لفصل القضاء.
وقيل: إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي بالحشر. {مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ} من صخرة بيت المقدس، وهي أقرب الأرض إلى السماء باثني عشر ميلا، وهي وسط الأرض. وقيل: من تحت أقدامهم. وقيل: من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة: يا أيتها العظام البالية.
و {الصَّيْحَةَ} النفخة الثانية {بِالْحَقِّ} متعلق بالصيحة، والمراد به: البعث والحشر. {عَنْهُمْ سِراعاً} حال من المجرور. {عَلَيْنا يَسِيرٌ} تقديم الظرف يدل على الاختصاص؛ يعني: لا يتيسر ذلك الأمر العظيم إلا على القادر الذي لا يشغله شأن عن شأن، كما قال: {ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ} (٢) {نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ} تهديد لهم وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. {بِجَبّارٍ} كقوله: {بِمُصَيْطِرٍ} (٣) حتى تقسرهم على الإيمان، إنما أنت داع وباعث.
= شيبة وعبد الرزاق من رواية عبد العزيز بن عمر عن مكحول مرسلا ". .. ثم قال الحافظ:" وقد روي موصولا عن أنس وعن عائشة - رضي الله عنهما - أما حديث أنس فرواه الدراقطني في غرائب مالك من رواية أحمد بن سليمان السدي عنه عن الزهري عن أنس به وأتم منه. وقال الحافظ: هذا موضوع على مالك. وأما حديث عائشة فرواه ابن شاهين في "الترغيب" وفي إسناده جعفر بن جميع ".
(١) قرأ بها نافع وابن كثير وحمزة وأبو جعفر وخلف، وقراءة الباقين" وأدبار "بالفتح.
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٣٠)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٣١)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٦٧٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨٢)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٠٧)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٧٦).
(٢) سورة لقمان، الآية (٢٨).
(٣) سورة الغاشية، الآية (٢٢).