تفسير سورة الواقعة مكية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩)}
{إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ} أي: كانت الكائنة، وسميت الواقعة؛ لوقوعها فإنها كائنة بلا شك، يقال: وقع ما كنت أتوقعه؛ أي: نزل ما كنت أرتقب نزوله، وانتصبت {إِذا} بقوله:
{لَيْسَ} أي: إذا وقعت كان كيت وكيت، أو بإضمار اذكر؛ أي: إذا وقعت ليس نفس تكذب، واللام مثلها في {قَدَّمْتُ لِحَياتِي} (١) أو: ليس لها نفس تكذبها أو هي من قولهم:
كذبت فلانا نفسه في الخطب العظيم. وقيل: كاذبة مصدر كالعافية والعاقبة؛ بمعنى التكذيب؛ من قولك: حمل على قرنه فما كذب، أي: فما جبن، وتحقيقه أنه ما كذّب نفسه، فيما كانت تمنّيه أنه يقدر على الخلاص منه.
{خافِضَةٌ} أي: هي خافضة {رافِعَةٌ} ترفع أقواما وتضع آخرين، وإما لأن الأشقياء يخفضون إلى الدركات، والسعداء يرفعون إلى الدرجات، وإما لأنها تزلزل الأشياء من مقرها فتخفض بعضا وترفع بعضا حيث تسقط السماء كسفا، وتنتثر الكواكب، وتسير الجبال، وتمر في الجو مر السحاب. {رُجَّتِ} حركت تحركا شديدا، حتى لا يبقى شيء على وجهها.
{وَبُسَّتِ الْجِبالُ} أي: فتّت. وقيل: هو من بس الغنم إذا ساقها.
{مُنْبَثًّا} متفرقا، وقوله: {إِذا رُجَّتِ} بدل من {إِذا وَقَعَتِ} ويجوز أن يكون المراد أن ينتصب ب {خافِضَةٌ رافِعَةٌ} أي: ترفع وتخفض وقت رج الأرض وسير الجبال. {أَزْواجاً} أصنافا؛ يقال للأصناف التي اجتمع بعضها مع بعض أزواج.
{فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم {أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} الذين يؤتونها بشمائلهم، أو: أصحاب المنزلة السنية (٢٨٧ /أ) وأصحاب المنزلة الدنية، وذلك لتيمنهم
(١) سورة الفجر، الآية (٢٤).