{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩)}
{مَفازاً} فوزا أو موضع فوز. وقيل: نجاة مما فيه الكفار. أو موضع نجاة وفسر المفاز بما بعده. والحدائق: البساتين الكثيرة الثمار. والكواعب: اللاتي كعب ثديهن.
وأتراب: الذين ولدوا في زمن ولادتك، سموا أترابا؛ لأن الأرض مسّتهم في زمن واحد والدهاق: الملآن المترع. {جَزاءً} منصوب بقوله: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً} و {عَطاءً} منصوب ب "جزاء" نصب المفعول به. و {حِساباً} صفة، أي: كافيا.
قرئ: "ربّ السماوات والأرض" بالرفع على: هو رب السماوات، أو رب السماوات: مبتدأ، و "الرحمن" صفته، و {لا يَمْلِكُونَ} الخبر، أو هما خبران (٣٢٨ /أ).
وبالجر على البدل من "ربك"، وبجر الأول، ورفع الثاني (١) على أنه مبتدأ، خبره:
{لا يَمْلِكُونَ} أو هو الرحمن لا يملكون. والضمير في {لا يَمْلِكُونَ} لأهل السماوات والأرض، أي: ليس في أيديهم مما يخاطب به الله، ويأمر به خطاب واحد يتصرفون فيه تصرف الملاك أو لا يملكون أن يخاطبوا بشيء من نقص العذاب وزيادة الثواب.
{يَوْمَ يَقُومُ} متعلق ب {لا يَمْلِكُونَ} أو ب {لا يَتَكَلَّمُونَ}. و {الرُّوحُ} مخلوق أشرف من بني آدم ومن الملائكة. وقيل: هو ملك عظيم ما خلق الله بعد العرش خلقا أعظم منه.
وقيل: ليسوا بملائكة وهم يأكلون. وقيل: جبريل.
الشفاعة في يوم القيامة بشرطين: أحدهما: أن يكون المشفوع فيه مرتضى {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى} (٢). والثاني: أن يكون بإذن الله في الكلام للشافع؛ لقوله: {لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ}
(١) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو برفع "رب" و "الرحمن"، وقرأ ابن عامر وعاصم بجرهما، وقرأ حمزة والكسائي بجر "رب" ورفع "الرحمن". تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٦٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٦٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٩١).
(٢) سورة الأنبياء، الآية (٢٨).