العاقر: الرملة التي لا تنبت، شبهت بها المرأة التي لا تلد، ولم يقل: عاقرة؛ لاختصاص الوصف بالمؤنث؛ كالطامث والحائض.
{رَمْزاً} أي: إشارة، وكان يستعصي عليه الكلام ولسانه كما قال: {ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا} مريم وكان إذا أراد ذكر الله انطلق لسانه.
{اِسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} يريد الألفاظ التي يدل عليه هذا المجموع، وإلا فالاسم عيسى وحده. سمي مسيحا؛ لأنه ولد ممسوحا بالدهن. وقيل: مسيح القدم أي: ليس لرجله أخمص، وهذا ضعيف؛ لأن الأخمص به تستمسك الرجل عند زللها، ولا يمدح به من ابتلي به. وقيل: هو مأخوذ من السياحة في الأرض وهذا يقتضي تأخر التسمية بذلك حتى يصير سائحا. وقيل: سمي مسيحا؛ لأنه يمسح أرباب العاهات والأمراض فيعافون وعليه الإشكال الذي قبله.
{وَيُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} فإن قلت: الكلام في الكهولة ليس بعجب! فجوابه من وجوه: ويكلم الناس في المهد وكهلا كلاما متساويا لا يختلف في الصغر والكهولة.
وقيل: يكلم الناس في المهد وكهلا إذا نزل من السماء في آخر الزمان. وقيل: كل من تكلم في المهد مات قبل أن يصير رجلا؛ لئلا يفتتن به إلا عيسى، فيكون هذا بشارة بحياته إلى الكهولة. وقيل: يكلم الناس في المهد بالحكمة، وكهلا بالنبوة. الهاء في فيه تعود على الكاف في «كهيئة»، أي: ينفخ في الذي هو مثل الطير.
{وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} من لحمان الإبل، والتصرف في السبت، وغيرهما من الأحكام التي خالفت شريعة عيسى عليه السّلام فيها دين اليهود، وسمي ما أوتيه عيسى آية؛ لأن كل واحد منها آية، تقول: كسانا الأمير حلة، أي: كل واحد؛ لأن عيسى عليه السّلام أوتي إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وشفاء كل واحد من أولئك المرضى وأرباب العاهات آية.
{وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠) إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١) فَلَمّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ (٥٢)}
{رَبَّنا آمَنّا بِما أَنْزَلْتَ}