{وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنا مَعَ الشّاهِدِينَ (٥٣) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ (٥٤) إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ (٥٧) ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)}
{فَلَمّا أَحَسَّ} أي: علم علما جليّا يشبه المعلومات بالحس {مَنْ أَنْصارِي} ذاهبا أو متوجها {إِلَى اللهِ} {الْحَوارِيُّونَ} أصحاب عيسى، وكانوا قصّارين يحورون الثياب أي:
يبيضونها، قيل: {مَعَ الشّاهِدِينَ} بذلك. وقيل: مع أمة محمد؛ لأنهم شهدوا على الناس {وَمَكَرُوا} وأخفى الله ما يريده منهم من الشر، وسمي جزاء المكر مكرا {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} الشورى: ٤٠ {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} البقرة: ١٩٤ {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} التوبة: ٦٧.
{مُتَوَفِّيكَ} أي: منيمك. فرفع إلى السماء نائما؛ كي لا يجزع عند بعده عن الأرض صاعدا. وقيل: متوفيك: ملاقيك بأنبيائي وملائكتي. وقيل: متوفيك بعد نزولك إلى الأرض، والواو لا تقتضي الترتيب (١). والتقدير: إني رافعك إليّ ومميتك.
{إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ (٦١) إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٢) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (٦٣)}
{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ}
(١) الواو لا تقتضي الترتيب: هذا على قول جمهور النحاة، وقال جماعة: إنها للترتيب، ونقل السيرافي الإجماع على ذلك، ورد ذلك ابن هشام في قطر الندى. وينظر تفصيل هذه المسألة في: أسرار العربية لابن الأنباري (ص: ٣٠٢ - ٣٠٤)، اللباب في علل البناء والإعراب للعكبري (٤١٨، ١/ ٤١٧)، همع الهوامع للسيوطي (١٥٦، ٣/ ١٥٥).