ثم قال: وهذه نجابة وافقت إصابة إن صح، قال ذلك قبل وقوعه وكان في كتابه قبل حدوثه قال: وليس هذا من قبيل علم الحروف ولا من باب الكرامات والمكاشفات ولا ينال في حساب. قال: وقد ذكر في تفسير سورة القدر أنه لو علم الوقت الذي نزل فيه القرآن لعلم الوقت الذي يرفع فيه. قلت: ابن برجان ذكر هذا في تفسيره في حدود سنة ثنتين وعشرين وخمسمائة، ويقال: إن الملك نور الدين أوقف على ذلك فطمع أن يعيش إلى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة لأن مولده في سنة إحدى عشر وخمسمائة فتهيأ لأسباب ذلك حتى إنه أعد منبرا عظيما لبيت المقدس إذا فتحه والله أعلم» (١).
- ولأبي شامة نص آخر في ترجمة كمال الدين الدزماري يقول فيه: «وهو الذي ذكره شيخنا السخاوي في خطبة تفسيره وأثنى عليه، وكان ملازما حلقة شيخنا وقت سماع التفسير وفي أيام ختمات الطلبة» (٢).
ولم يرد ذكر لذلك في مقدمة التفسير الذي بين أيدينا.
ومن يقرأ ويمعن النظر - بقليل من الدقة - في هذين النصين لأبي شامة وهو من أقرب الناس لشيخه السخاوي وأدراهم بمصنفاته يمكن أن يقف على الحقائق الآتية:
- أن للسخاوي تفسيرا آخر، وهو ما عبّر عنه أبو شامة بقوله: «تفسيره الأول»، ويحتمل أنه المقصود في كلام ياقوت بأن السخاوي لم يتمه ووصل فيه إلى الكهف. والله تعالى أعلم.
- أن الذي بين أيدينا تفسير كامل للسخاوي؛ لما تقدم ذكره منذ قليل.
وإذا أضيف إلى كل ما سبق أن القارئ والمحقق لن يجد فرقا بين أول التفسير وآخره من حيث المنهج وطريقة العرض والآراء الفقهية واللغوية وكذا مذهب المصنف الفقهي والعقدي والنحوي كما سبق بيانه؛ فهو شافعي يذكر مذهب الشافعي ويؤيده من أول التفسير إلى آخره، وكذا فهو في العقيدة يتبنى رأي أصحاب التأويل لا سيما في الآيات التي تتناول صفات الله تعالى التي قد يوهم ظاهرها - وهذا في رأي السخاوي ومدرسته - تشبيها
(١) ينظر كلامه في: الروضتين في تاريخ الدولتين النورية والصلاحية لأبي شامة (٣/ ٣٩٤ - ٣٩٥) ط. مؤسسة الرسالة - بيروت - ١٩٩٧ م - تحقيق إبراهيم الزيبق. وذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية (١٢/ ٣٢٦) نقلا عن أبي شامة.
(٢) نقله عن أبي شامة ابن السبكي في طبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٠)، وابن قاضي شهبة في طبقات الشافعية (٢/ ١٠٠)، وذكره الدكتور عبد الكريم جواد كاظم في مقدمة رسالته للدكتوراه (ص: ٩٤) من الدراسة، بعنوان: (المفضل للسخاوي وأثره في الدراسات النحوية في القرن السابع الهجري) كلية اللغة العربية - الأزهر - القاهرة رقم (١٤٠٧) نقلا عن أبي شامة.