{وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً} ولا يعتد الزكاة مغنما، بل (٧٣ /ب) يعدها من آفات الأموال. {وَيَتَرَبَّصُ} بالمؤمنين أن يموتوا فينقطع الطلب بموتهم ثم دعا عليهم بقوله: {عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ} والدعاء من الله دليل على الغضب؛ لأن الإنسان إنما يدعو على من غضب عليه وأما حقيقة الدعاء فلا تليق بجلال الله {وَصَلَواتِ الرَّسُولِ} ودعوات الرسول. {أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ} كما طلبوا.
{وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (١٠١) وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٠٢) خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠٦)}
{وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ} يريد: والسابقون من الأنصار.
قال عمر: كنت أظن أنها والأنصار، بالرفع عطف على {وَالسّابِقُونَ} وأقول: قد خصصنا معشر المهاجرين بأن السابقين منا، ثم نبئت أنها {وَالْأَنْصارِ} عطفا على {الْمُهاجِرِينَ} أي: والسابقون الأولون من المهاجرين والسابقون الأولون من الأنصار (١).
{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ} بالقرب من المدينة {مُنافِقُونَ} قد ضربت أنفسهم بالكفر ومردوا عليه {لا تَعْلَمُهُمْ} بأعيانهم {نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} قال بعض النحويين: علم هاهنا بمعنى عرف؛ لأنها تعدت إلى مفعول واحد، وعليه إشكال، وهو أن الله تعالى لا يقال في علمه معرفة؛ لأن التعرف يستدعي تقدم جهل، ويستدعي بحثا، حتى يحصل به المطلوب، وقد أخذ على القاضي أبي بكر بن الباقلاني (٢) في قوله في حد العلم: "أنه معرفة المعلوم
(١) رواه الطبري في تفسيره (١١/ ٨)، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٤٨٣) لأبي عبيد وابن المنذر وابن مردويه وأبي الشيخ عن محمد بن كعب.
(٢) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر أبو بكر القاضي الباقلاني، من كبار علماء الكلام، انتهت إليه -