على ما هو به"، فقيل له: العلم أعم من المعرفة، وعلم الله ليس بمعرفة، فلا يدخل في حدك (١).
ومثل هذه الآية قوله في الأنفال: {لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} (٢) {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} أي: في الأموال والأنفس في الدنيا. {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ} في الآخرة {خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ} كل واحد منهما مخلوط، ولو قيل: خلطوا عملا صالحا بآخر كان العمل الصالح مخلوطا، والسيئ مخلوطا به.
{صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها} تدحض عنهم أوصاف الذنوب. {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ادع لهم إن دعواتك تسكن إليها أنفسهم.
{وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ} جاء في الحديث: "إن الصدقة تقع بيد الرب قبل أن تقع بيد العبد فيربيها كما يربي أحدكم فلوّه، أو فصيله" (٣).وأخذه تعالى الصدقات كناية عن تقبلها والاعتداد بها. {مُرْجَوْنَ} مؤخرون.
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٠٧) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (١٠٨)}
{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ}
= رئاسة مذهب الأشاعرة، وكان جيد الاستنباط سريع الجواب. ومن كتبه: إعجاز القرآن، الإنصاف، الملل والنحل. توفي سنة ٤٠٣ هـ. تنظر ترجمته في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (٥/ ٣٧٩)، وفيات الأعيان لابن خلكان (١/ ٤٨١).
(١) ينظر قول الباقلاني في كتابه "تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل" (١/ ٢٥) ط. مؤسسة الكتب الثقافية - بيروت ١٩٨٧ م - تحقيق: عماد الدين أحمد حيدر، ونقله عنه الإيجي في كتاب المواقف (١/ ٥٣)، والقنوجي في كتاب أبجد العلوم (١/ ٢٦) وزاد الباقلاني فقال: "فإن قال قائل: فلم رغبتم عن القول بأنه معرفة الشيء على ما هو به إلى القول بأنه معرفة المعلوم على ما هو به؟ قيل: لما قام من الدليل على أن المعلوم يكون شيئا وما ليس بشيء ولأن المعدوم معلوم وليس بشيء ولا موجود فلو قلنا حده أنه معرفة الشيء على ما هو به لخرج العلم بما ليس بشيء من المعلومات المعدومات عن أن يكون علما وذلك مفسد له فوجب صحة ما قلناه وبالله التوفيق".
(٢) سورة الأنفال، الآية (٦٠).
(٣) رواه أحمد (٤٧١، ٤٠٤، ٢/ ٢٦٨)، والترمذي رقم (٦٦٢)، وابن خزيمة رقم (٢٤٢٦).