{كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦)}
{وَاطْمَأَنُّوا} سكنت نفوسهم إليها. {عَنْ آياتِنا غافِلُونَ} عن تدبرها والعمل بما فيها {تَجْرِي} من تحت أشجارها أنهار كعادة البساتين، أو: من تحت غرفهم؛ لقوله: {لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} (١).
قيل: كان إذا أعجبهم شيء في الجنة، وأرادوا حصوله لهم قالوا: {سُبْحانَكَ اللهُمَّ} (٢) {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ} يحيي بعضهم بعضا بالسلام. وقيل: الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم. وقيل: يسلم الله عليهم لقوله - تعالى: {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (٣).
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} لكنا لا نعجل للناس استعجالهم بالشر {فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
{وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا} على حسب اختلاف أحواله: مضطجعا أو قاعدا (٧٦ /أ) أو قائما. {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ} فاحذروا يا أهل مكة أن تفعلوا مثل فعلهم، فيحل بكم ما حل بهم.
{ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ} ليظهر للعباد ما انطوت عليه سرائركم.
قوله: {ما يَكُونُ لِي} أي: يحرم عليّ؛ كقوله: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (٤) تقدم قول الرماني أن قوله: {إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي} جملة حالية معترضة بين الفعل ومفعوله، أي: إني أخاف عاصيا {عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (٥) والقياس: عذاب يوم عظيم، لكن عظم اليوم يحسب بما يقع فيه من العظائم، فكل ما عظم به اليوم عظم العذاب.
(١) سورة الزمر، الآية (٢٠).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١١/ ٨٩ - ٩٠).
(٣) سورة يس، الآية (٥٨).
(٤) سورة آل عمران، الآية (١٦١).
(٥) تقدم في سورة الأنعام، الآية (١٥).