سورة الرعد مكية
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١) اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (٢) وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)}
قوله: {وَالَّذِي أُنْزِلَ} مبتدأ {الْحَقُّ} خبره (٩٠ /أ) {تَرَوْنَها} جملة مستأنفة.
وقيل: في موضع الوصف ل {عَمَدٍ} أي: بغير عمد مرئية، وقالوا: تلك العمد هي قدرة الله - عز وجل - لأن تمام الأعمال القدرة؛ كما أن تمام ما فوق العمد بالعمد.
{لِأَجَلٍ مُسَمًّى} يوم القيامة. {الْأَمْرَ} جنس، وهو أبلغ من صيغة الجمع؛ لأن استرسال اسم الجنس على ما تحته لا يشذ منه شيء، وفي صيغة الجموع اضطراب؛ لأنها تأتي مستغرقة وغير مستغرقة، وإذنه للشافع أن يشفع، أو إذنه للمشفوع فيه أن يشفع فيه.
{مَدَّ الْأَرْضَ} دحاها وبسطها {وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ} ثابتات، ويقال: مثبتات، وهو بعيد من حيث اللفظ حسن من حيث المعنى. والوقف عند قوله: {وَأَنْهاراً} (١) {زَوْجَيْنِ} صنفين من الطعوم والألوان وغيرها. {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ} ويغشي النهار الليل؛ فاكتفى بأحدهما؛ كقوله: {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (٢).
قرئ {وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ} بالجر (٣)، وهو مشكل؛ لأن الجنة لا تكون من الزرع، وعند
(١) ينظر: منار الهدى في بيان الوقف والابتدا للأشموني (ص: ٢٠٠).
(٢) سورة النحل، الآية (٨١).
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم «وزرع ونخيل» بالرفع، وقرأ باقي العشرة «وزرع ونخيل» بالجر. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٥/ ٣٦٣)، حجة ابن خالويه (ص: ١٩٩ - ٢٠٠)، حجة أبي زرعة (ص: ٣٦٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٢٢٥)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٣٥٦)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٣٤٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٩٧).