الزمخشري والأخفش الجنة لا تكون إلا من النخل (١) وأنشد قول زهير من البسيط:
... ... تسقي جنّة سحقا (٢)
أي: نخيلا طوالا، ويرد عليه قوله - تعالى: {جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ} (٣).
وكذلك قوله: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ} (٤).
الصنوان: هما الفرعان الناتئان من أصل واحد، كنخلتين من نواة. وتثنية الصنو صنوان؛ وكذلك جمعه، إلا أن إعرابه مجموعا بالحركات على النون، وإعرابه مثنى بالألف في الرفع، والياء في النصب والجر، ومثله: قنوان في التثنية والجمع.
وإعراب {يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ} هو مثل ضربه الله - تعالى - للقرآن نزل على قوم قلوبهم مختلفة، فيثمر في قلوب أهل الخير المعارف الإلهية، وينبت في قلوب أهل الزيغ التكذيب والعناد والافتراء؛ كما أن الماء الواحد يسقي رطبا جنّيا وحنظلا مرّا، والأكل: الشيء المأكول.
{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنّا تُراباً أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥)}
{وَإِنْ تَعْجَبْ} من شيء فقولهم: {أَإِذا كُنّا تُراباً أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} مما ينبغي أن يتعجب منه الناظرون فيه، والتعجب على الله محال؛ لأنه رؤية ما خفي سببه، والله
(١) ينظر: الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٢٧، ١/ ١٠٥).
(٢) هذا عجز بيت لزهير في أبيات يتحسر فيها على فراق محبوبته وصدره:
كأنّ عينيّ في غربي مقتّلة من النواضح ... ينظر في: تاج العروس (قتل)، تفسير القرطبي (١٣/ ١١٧) الكشاف للزمخشري (١/ ١٠٥)، لسان العرب (سحق) والمعنى: كأن عيني من شدة البكاء وكثرة الدموع عينان في دلوين عظيمين ممتلئتين ماء، تحملهما ناقة مقتلة مذللة معتادة على العمل من الإبل النواضح التي يستقى عليها، تسقي تلك الناقة جنة سحقا، أي: نخلا طوالا جهة السماء أو بعيدة عن محل الماء فهي دائمة ذاهبة آيبة.
(٣) سورة الكهف، الآية (٣٢).
(٤) سورة البقرة، الآية (٢٦٦).