أخفاه الله من غيره، فلا يسمى غيبا (١).
وقوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} مبتدأ مرفوع، أو مجرور، صفة ل «المتقين» أو منصوب بإضمار «أعني». «وإقامة الصلاة»: الإتيان بها بأركانها وشروطها وآدابها. وقيل: تقيم الأمة شعارها. وقيل: سميت باسم القيام الذي هو جزء منها، كما سميت «قرآنا» في قوله:
{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} الإسراء: ٧٨. وتسبيحا في قولهم: «سبحة الضحى» (٢).
وقوله {يُنْفِقُونَ}: يريد به النفقات الواجبات. وقيل: إلى الواجبات والتطوعات.
وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره: {أُولئِكَ عَلى هُدىً}، ويجوز أن يكون معطوفا على {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} في هذه الثلاثة (٣) وقيل: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} لمن آمن من عبدة الأوثان {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} لمن أسلم من اليهود والنصارى. والفلاح: البقاء؛ كقول الشاعر من الكامل:
لو كان حيّ مدرك الفلاح ... أدركه ملاعب الرماح (٤)
(٢ /ب) فمعنى {الْمُفْلِحُونَ} الباقون في الجنة. وقيل: معناه: الفوز بالمطلوب.
وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ} عام أريد به الخاص، وهو من علم الله أنه لا يؤمن، وإلا فكثير من الكفار قد نفع فيهم الإنذار، وآمنوا بالله الواحد القهار.
(١) كذا بالأصل وذكر المناوي في كتاب التوقيف في مهمات التعاريف (١/ ٥٤٣) أن الغيب: «ما غاب عن الحس ولم يكن عليه علم يهتدي به الفعل فيحصل به العلم».
(٢) رواه مسلم في صحيحه رقم (٣٣٦)، وأبو داود رقم (١٢١٠)، وابن ماجه رقم (١٣٢٣) من حديث أم هانئ بنت أبي طالب: «أنه لما كان عام الفتح أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، قام رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه، فالتحف به، ثم صلى ثمان ركعات، سبحة الضحى». وهذا لفظ مسلم في صحيحه.
قال النووي في شرح مسلم (٢/ ٢٦٥): «والسبحة: هي النافلة سميت بذلك للتسبيح الذي فيها».
(٣) أي: ما وصف الله به المتقين بقوله: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ.
(٤) البيت للبيد ينظر في: ديوانه (ص: ٣٣٣)، الدرر اللوامع على همع الهوامع، لأحمد بن الأمين الشنقيطي، ط. مؤسسة الرسالة، بيروت ط ١٩٩٤.٢ م - تحقيق: الدكتور عبد العال سالم مكرم (١/ ١١٥)، لسان العرب (لعب)، مغني اللبيب لابن هشام (٤٣٥، ١/ ٢٧٠) همع الهوامع للسيوطي (١/ ١٣٨) ويروى: لو أن حيا