الإنذار: الإخبار بما يخاف منه.
وقوله: {خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ} (١) استعارة للاشتقاق من منع الشيء لما يقفل عليه؛ قال الله تعالى: {أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها} محمد: ٢٤ أو يطبع عليه بطابع، أي: يختم عليه بختم، كقوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ} النساء: ١٥٥.
وقوله: {خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ} هذا وقف على قوله: {وَعَلى سَمْعِهِمْ} (٢) والغشاوة مخصوصة بالأبصار، كما قال تعالى: {وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً} الجاثية: ٢٣.
{وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢)}
العذاب يكون تارة عظيما، وتارة مهينا كمن ضرب رئيسا ضربات يسيرة في محفل.
وتارة يكون أليما مؤثرا في الجلد. والعذاب موصوف بهذه الصفات الثلاث في الكتاب العزيز.
قدم الله - سبحانه وتعالى - ثلاث آيات في وصف المتقين، وآيتين في الكفار المطبوع على قلوبهم، ثم ثلّث بذكر المنافقين الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر بقوله: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ} الآيات. واقتصر على الإيمان بالله وباليوم الآخر؛ لأن الإيمان بالله أول الواجبات، واليوم الآخر من آخر الواجبات في الوجود.
والخداع: إظهار ما يسر المخاطب مع قصده ضرره في الباطن؛ فقيل: أصله من الإخفاء، ومنه المخدع يخفى فيه ما لا يشتهي إظهاره من الزوجات والأموال.
وقيل: أحوال الفساد؛ كقول الشاعر من الرمل:
(١) بالأصل بدل ما بين المعقوفين: «ختم على قلوبهم وقلبه وجعل على بصره غشاوة» والصواب ما أثبتناه.
(٢) وهو وقف تام، كما قاله العلامة أحمد بن محمد بن عبد الكريم الأشمونى في كتابه (منار الهدى في بيان الوقف والابتدا) (ص: ٣٢) ط. مصطفى الحلبي، القاهرة، ١٩٧٣ م.