النوع من التمر. وقيل: هو مفعول ب {وَهُزِّي} واستبعده الزمخشري (١)؛ لأن الرطب لا تهز وإنما يهز الجذع. وقيل: منصوب ب {تُساقِطْ} بضم التاء وكسر القاف.
{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)}
{وَقَرِّي عَيْناً} أي: أبشري بما منحك الله - تعالى - من هذا الولد المؤيد بالمعجزات، وإحياء الموتى، وقرئ {تُساقِطْ} و (تتساقط) على الأصل و (تساقط) خفيفة السين بحذف إحدى التاءين و (تسقط) و (يسقط) بالياء (٢).
قوله: {وَقَرِّي عَيْناً} فيه تأويلان: أحدهما: أن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة، فيقال للمدعوّ له: أقرّ الله عينه، أي: جعل دمعها باردا، وللمدعوّ عليه: أسخن الله عينه. والتأويل الثاني: أنه من القرار والاستقرار، يعني: لتستقر عينك فلا تمتدّ إلى غير هذه الموهبة.
ما في {فَإِمّا} زائدة. {صَوْماً} أي: إمساكا. وقيل: نذرت صوما، وكان من شرط صحة صومهم ألا يتكلم الصائم، وقد نهي عن ذلك في شريعتنا (٣). {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} قيل: كانت تكلم الملائكة. فإن قلت: قد اعتذرت عن الكلام بقولها: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً} وهو كلام، وقد قال الفقهاء: لو قال: والله لا أكلمك فتنحّ عني. أنه يجب عليه الكفارة لليمين؛ لأن قوله: فتنحّ عني. كلام (٤). فجوابه: أنها بينت هذا القول بالإشارة لا باللفظ. وقيل: باللفظ، واستثني لها هذا القول.
(١) ينظر: الكشاف للزمخشري (٣/ ١٣) ونسب للمبرد جواز انتصابه ب "هزي".
(٢) قرأ حفص "تساقط"، وقرأ حمزة "تساقط"، وقرأ يعقوب "يسّاقط"، وقرأ باقي العشرة " تسّاقط"، وقرأ أبو حيوة "تسقط"، وقرئ كذلك "يسقط، ويسقط". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ١٨٤)، تفسير القرطبي (٩٥، ١١/ ٩٤)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٤٤٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٥٠١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٠٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ١٣)، فتح القدير للشوكاني (٣/ ٣٢٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣١٨).
(٣) روى البخاري في صحيحه رقم (٦٣٢٦) عن عكرمة عن ابن عباس قال: "بينا النبي صلّى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه".
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ١١٣)، المغني لابن قدامة (١١/ ٣٢٧)، المهذب للشيرازي (٢/ ١٠٠).