المطر الذي هو سبب نبات الحب والثمر؛ ولاختلاف أحوال الشمس في فصل الصيف وفي فصل الشتاء؛ ولاختلاف أحوال الناس في النوم واليقظة، كل ذلك من الرحمة.
قوله: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} والسماوات والأرض والكرسي في جانب من العرش؛ كحلقة في فلاة؛ فإذا استوى عليه استوى على ما حواه.
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (٦) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧) اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (٨) وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩)}
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ} من الملائكة والكواكب والأفلاك {وَما فِي الْأَرْضِ} من الأشجار والنبات والحيوانات. {وَما بَيْنَهُما} من حيوانات الجو ومن الرعد والمطر وغير ذلك مما لا يحصى.
وقيل: إن المراد ب {الثَّرى} رمل تحت الأرضين السبع. وقوله: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ} جوابه محذوف تقديره: لم يخف على الله. وقوله: {وَأَخْفى} فيه قولان:
أحدهما: أنها فعل، أي: فإنه يعلم السر، وأخفى عن عباده أحوال القيامة ووقت قيامها.
والثاني: أنه اسم، والتقدير: يعلم السر وأخفى من السر، فقيل: السر ما حدثت به واحدا واستكتمته، وأخفى منه ما لم تطلع عليه (١١٨ /أ) أحدا قال الشاعر من المتقارب:
فسرّك ما كان عند امرئ ... وسرّ الثّلاثة غير الخفيّ (١)
وقيل: السر ما لم تطلع عليه أحدا، وأخفى منه ما ستحدث به نفسك غدا يعلمه الله الآن. والأسماء الحسنى قد استنبطت من الكتاب والسنة، وجاء في الحديث: "إنّ لله - تعالى - تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنّة" (٢).
وقوله: {الْحُسْنى} في وصف الأسماء وهي جمع، وكان قياسه الحسن؛ كما قال:
(١) البيت للأشعري الجعفي، ينظر في: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (١/ ٥١١)، صبح الأعشى للقلقشندي (١١/ ٣٠٨).
(٢) رواه البخاري رقم (٦٤١٠، ٢٧٣٦)، ومسلم رقم (٢٦٧٧).