وقوله - عز وجل: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى} أي: أخفوا فيما بينهم التناجي بالباطل.
وقيل: أسروه: أظهروه. قال الماوردي (١): وأسرّ يستعمل في الإخفاء والإظهار، وإن كان الظاهر استعماله في الإخفاء حقيقة إلا بدليل.
قوله: {أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ} قيل: أفتقبلونه وأنتم تعلمون أنه سحر؟ وقيل: أفتعدلون إلى الباطل وأنتم تعلمون الحق؟ الواو في {وَأَسَرُّوا} يجوز أن تكون دالة على جمع الفاعلين ولا تكون ضميرا. وقيل: هي على لغة من يقول: أكلوني البراغيث (٢).
وقيل: أسروها للذين ظلموا فحذف الجار ومثله {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} (٣) والتقدير: قائلين: {هذا إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}.
{قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤) بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥) ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (٦) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلاّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٧) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠) وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ (١١) فَلَمّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) قالُوا يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظالِمِينَ (١٤)}
وقوله: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ} أي (١٢٥ /ب) تهاويل أحلام. وقيل: ما لا يفسر من الأحلام {أَهْلَ الذِّكْرِ} قيل: هم أهل التوراة والإنجيل. وقيل: علماء المسلمين. وقيل:
من أسلم من علماء اليهود والنصارى.
قوله - تعالى: {وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً} الآية قيل: معناه وما جعلنا الأنبياء قبلك أجسادا {لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ} ولا يموتون كذلك، فعلى هذا يكون الجسد ما لا يأكل ولا يشرب، ويكون قوله: {لا يَأْكُلُونَ} تفسيرا ل «جسد».
(١) ينظر: النكت والعيون للماوردي (٣/ ٣٧).
(٢) تقدم في تفسير سورة البقرة، الآية (٧١).
(٣) سورة المائدة، الآية (٧١).