وقيل: المراد أنهم ليسوا أجسادا، والجسد ما يأكل ويشرب، وأفرد الجسد؛ لأن المراد التمييز بهذا الجنس، وهو كقوله - تعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} (١) قوله - عز وجل: {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي: شرفكم؛ لنزوله بلغتكم أولا، مشتمل على ذكر مصالحكم في دينكم ودنياكم.
قوله: {مِنْها} أي: من القرية. وقيل: من العذاب. قوله: {أُتْرِفْتُمْ} أي: نعّمتم.
قوله: {لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ} أي: من دنياكم شيئا قالته الملائكة استهزاء بهم (٢).
وقال ابن بحر (٣): لعلكم تسألون عما كنتم تعملون من الذنوب حتى استوجبتم هذا التعذيب (٤).
{فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ (١٥) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (١٦) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا إِنْ كُنّا فاعِلِينَ (١٧) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمّا تَصِفُونَ (١٨) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩)}
قوله - عز وجل: {فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ} بالثبور والويل حتى هلكوا. وقوله: {تِلْكَ دَعْواهُمْ} معرفتان يجوز جعل كل واحدة منهما اسما ل {فَما زالَتْ} والأخرى خبرا والحصيد: الاستئصال، والخمود: الهمود، يقال: خمدت النار إذا انطفأت، فشبّه خمود الحياة بخمود النّار، كما يقال لمن مات: قد طفي. قوله: {لَهْواً} قيل: ولدا. وقيل: زوجة. وقيل:
المراد الداعي إلى الشهوات، وأنشد الماوردي من الطويل:
... وللهو داع دائب غير غافل (٥)
(١) سورة غافر، الآية (٦٧).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ٨)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٦١٨) لعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) هو ابن بحر بن بري البابسيري يروي عن ابن عيينة توفي سنة أربع وثلاثين ومائتين (٢٣٤ هـ).
تنظر ترجمته في: اللباب في تهذيب الأنساب (١/ ١٠٠).
(٤) ذكره الماوردي في النكت والعيون (٣/ ٣٩) عن ابن بحر.
(٥) هذا عجز بيت للأحوص، وصدره:
ويلحينني في اللهو ألا أحبّه ... ينظر في: تفسير الطبري (١/ ١١٢)، روح المعاني للألوسي (١/ ٩٥)، النكت والعيون للماوردي (٣/ ٣٩).