{الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ (٤٣) أَتَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥)}
يا بني آدم {اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} أي: اشكروها {الَّتِي أَنْعَمْتُ} بها {عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا} بالعهد الذي عاهدتكم عليه من الإيمان بالرسل وتصديق ما جاؤوا به من الكتب {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} الذي عاهدتكم عليه من الثواب والعقاب. والعهد: يضاف إلى الموثق والموثق عليه.
والرهبة: الخوف {وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ} من القرآن {مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ} من التوراة والإنجيل {وَلا تَكُونُوا} مثل {أَوَّلَ كافِرٍ} أو كل واحد منكم مثل أول كافر، والمراد أول فريق كافر أو أول فوج.
{ثَمَناً قَلِيلاً} هو ما كانوا يأخذونه من عوامهم من الهدايا (٦ /أ) والرشا وما يأخذونه من كبرائهم على التحريف والتبديل. ولا تجعلوا الحق ملتبسا بباطلكم {وَتَكْتُمُوا} يجوز أن يكون مجزوما معطوفا، وأن يكون منصوبا بالواو في جواب النهي.
وقوله: {وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ} أمر بالصلاة بعد الأمر بها بقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} مبالغة في وجوبها. وقيل معناه: ولتكن صلاتكم في جماعة. {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ}: حال يقتضي زيادة قبح ما فعلوه، وأنه لا يفعله من له أدنى عقل ولهذا قال بعده: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} والتقدير: أسلبتم العقول فلا تعقلون، أو أجننتم فلا تعقلون. {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ} عند المصائب. وقيل: بالصبر على الصلاة ومداومتها؛ كقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها} طه: ١٣٢، وقيل: إذا أصابتكم شدة فافزعوا إلى الصلاة والصبر.
وكان الرسول صلّى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (١). {وَإِنَّها} وإن الاستعانة. وقيل: وإن الصلاة، وإنما لم تكبر على الخاشعين فلم تثقل عليهم لما يجدون من حلاوة المناجاة، وقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «وجعلت قرة عيني في الصلاة» (٢).
(١) رواه بهذا اللفظ الطبري في تفسيره (١/ ٢٩٨)، والبيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٤٥٣). وبلفظ: «إذا حزبه أمر صلى» رواه أحمد في المسند (٥/ ٣٨٨)، وأبو داود رقم (١٣١٩).
(٢) هذا جزء من حديث ولفظه: «حبب إلي النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة» رواه بهذا اللفظ الإمام أحمد في المسند (٣/ ٢٨٥)، والنسائي في المجتبى (٧/ ٦٢)، والحاكم في المستدرك (٢/ ١٦٠)، ورواه أحمد (١٩٩، ٣/ ١٢٨)، والنسائي (٧/ ٦١)، وذكره الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (٣/ ٢٤٩) بلفظ: «وجعل قرة عيني في الصلاة» قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقال الحافظ ابن حجر: وإسناده حسن، ثم قال الحافظ في التلخيص -