{بُشْرى} كأنه قال: يوم يرون الملائكة يضعون أو يعدمون البشرى. ويجوز أن ينتصب قوله:
{يَوْمَ يَرَوْنَ} بقوله «اذكر» فيكون مفعولا به لا ظرفا.
وقوله: {لِلْمُجْرِمِينَ} يريد: لا بشرى لهم، أو لا بشرى لأحد من المجرمين. ويدخل في هؤلاء {وَيَقُولُونَ حِجْراً} وقال سيبويه (١): حجر من المصادر المتروك إظهار عاملها قال الراجز:
قالت وفيها حيدة ودعر ... عود بربى منكم وحجر (٢)
وأصل الحجر: المنع، ووصفه بكونه محجورا مبالغة في المنع، كما قالوا: ذيل ذايل، ومعناه: حرام محرم عليكم المغفرة والجنة، تقوله الملائكة عند الموت، أو يوم القيامة ولا بشرى لهم يومئذ.
وقوله: {وَقَدِمْنا} أي: قصدنا، والهباء: ما يظهر من الكوة مع ضوء الشمس، وصفه بكونه {مَنْثُوراً} تحقيرا له، ونحوه {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (٣) لم يكتف بتشبيههم بالعصف حتى جعله مأكولا، ولا بأعمالهم بالهباء حتى جعله منثورا، وأصل همزة هباء واو، لقولهم:
الهبوة.
روي أنه يفرغ من الحساب في مقدار نصف يوم فلا يجيء وقت القيلولة إلا وقد فرغ منه {وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} فيه إشارة إلى ما اشتمل عليه مقيل أهل الجنة من المحاسن التي يقصر الوصف عنها.
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (٢٥) الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً (٢٦)}
وقرئ (تشّقّق) (٤) وأصله: تتشقق، فحذف بعضهم التاء وبعضهم أدغمها ولما كان
(١) ينظر: الكتاب لسيبويه (١/ ١٦٣).
(٢) ينظر بلا نسبة في: تاج العروس للزبيدي (عوذ)، تهذيب اللغة للأزهري (٣/ ١٤٧)، ديوان الأدب (١/ ١٥٢)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧٤)، لسان العرب (عوذ)، المخصص لابن سيده (٢٩٩/ ١٢) والحيدة: الصدود، وذعر: فزع، والعوذ: التعوذ، وحجر: امتناع وتحصن.
(٣) سورة الفيل، الآية (٥).
(٤) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب (تشّقّق) وقرأ الباقون (تشقّق). -