انشقاق السماء بسبب نزول الملائكة جعل الغمام كأنه الذي (١٤٨ /أ) شقها، ونظيره قوله:
{السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (١) والمعنى: أن السماء تتفتح بغمام يخرج منها، وفي الغمام الملائكة معهم صحف أعمال العباد. وقيل: هو غمام أبيض رقيق كالضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في التيه. {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} الثابت في أن كل ملك غير ملك الله، فإن مفهوم قوله: {عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً} أنه يسير على المؤمنين، ومثله: {يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ} (٢).
عض اليدين كناية عن شدة الغضب. وقيل: إن عقبة بن أبي معيط كان يكثر مجالسة رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقيل: صنع ضيافة فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يأكل منها فأبى حتى ينطق عقبة بالشهادتين، فتلفظ بهما فعتب على ذلك فقال: استحييت منه حيث لم يأكل من طعامي فأجبته، وكان أبيّ بن خلف صديقه فقال له: وجهي من وجهك حرام إن لم تأت محمدا فلم تطأ قفاه، ولم تبصق في وجهه، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
«لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف» وقدم ليقتل يوم بدر فقال: يا محمد لمن الصبية؟ وطعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبيا بأحد فرجع إلى مكة ومات " (٣).
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩) وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (٣٠) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (٣١) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢)}
واللام في {الظّالِمُ} يراد به المعهود، وهو عقبة، أو للجنس. تمنى أن لو صحب الرسول وسلك معه طريق الحق. فلان: كناية عن اسمه العلم، فإن أريد ب {الظّالِمُ} عقبة كان كناية عن اسمه، وإن أريد به الجنس فكل واحد منهم اسم علم، ففلان كناية عن ذلك الاسم.
= تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٦/ ٤٩٤)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٦٥)، حجة أبي زرعة (ص: ٥١٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٥١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٤٦٤)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٧٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٣٤).
(١) سورة المزمل، الآية (١٨).
(٢) سورة القمر، الآية (٨).
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٥٠) ونسبه لأبي نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.