دونكم يلحق آخركم أولكم، فلما وصل موسى إلى البحر قال له مؤمن آل فرعون: أين أمرت فهذا البحر أمامك والعدو خلفك، وقد غشيك آل فرعون قال: أمرت بالبحر، ولا يدري موسى ما يصنع، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضربه فصار فيه اثنا عشر طريقا، لكل سبط طريق (١).
وروي أن موسى لما أجاب يوشع خاض يوشع في البحر تصديقا لقول موسى، فلما انفلق البحر بضرب العصا وجدوا يوشع في موضع الماء الذي خاض فيه لم يبتل له ثوب ولا عدة فرس (٢)، وهذا البحر بحر القلزم. وقيل: بحر من وراء مصر يقال له: إساف (٣).
قوله عز وجل: {لَآيَةً} أي: آية عظيمة. كان إبراهيم يعلم أنهم عبدة أوثان، وإنما سألهم {ما تَعْبُدُونَ} ليبكتهم.
{قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (٧١) قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤) قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٧٥) أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (٧٦) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ (٧٧) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (٨٢)}
فإن قيل: هم سئلوا عن المعبود فكان يكفي في الجواب أن يقولوا: أصناما؛ كقوله:
{ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً} (٤) وكقوله: {ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (٥) وكقوله: {ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ} (٦) قلنا: هؤلاء أتوا بالقصة على وجهها، ولهذا قالوا: {فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ} كما لو قلت لرجل: ما تلبس من الثياب؟ فيقول: البرد الأتحميّ (٧) فأجرره بين
(١) رواه الطبري في تفسيره (١/ ٢٧٨) ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٠٤) لابن عبد الحكم وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه.
(٢) رواه الطبري في تفسيره (١٩/ ٨٠).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٠/ ٧٨).
(٤) سورة النحل، الآية (٣٠).
(٥) سورة البقرة، الآية (٢١٩).
(٦) سورة سبأ، الآية (٢٣).
(٧) الأتحميّ: ضرب من البرود. ويقال تحّمت الثوب إذا وشّيته. وفرس متحّم اللّون إلى الشّقرة كأنه شبه بالأتحميّ من البرود وهو الأحمر، وفرس أتحميّ اللّون، وروي عن الفراء قال: التّحمة البرود المخطّطة بالصّفرة. ينظر: لسان العرب (تحم).