ويقول الصانع بعد فراغه مما استأجر عليه: إن كنت عملت لك فأعطني حقي.
{إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} معناه: يتبعكم فرعون وقومه، فأغرقهم وأنجاكم {إِنَّ هؤُلاءِ} محكي بعد قول مضمر {لَشِرْذِمَةٌ} جماعة قليلة، وثوب شراذم، أي: منقطع، ووصفهم بالقلة مع ذلك، وجمعهم جمع سلامة وهو دليل القلة، وأراد فرعون بهذا القول ألا تضعف حرمة فرعون عند الرعايا بما جرى له مع موسى من العصا واليد البيضاء.
سمّى ما أخرجهم منه كنزا؛ لأنه لم ينفق في طاعة الله. {وَمَقامٍ كَرِيمٍ} أي: المنابر.
وقيل: السّرر. وقيل: المنازل الحسنة {كَذلِكَ} في محل الكاف ثلاثة أوجه:
أحدها: النصب، أي: أخرجناهم إخراجا مثل ذلك. والثاني: الجرّ على الصفة لمقام. والثالث: الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك. {فَأَتْبَعُوهُمْ} فلحقوهم {مُشْرِقِينَ} داخلين في وقت شروق الشمس. {سَيَهْدِينِ} إلى طريق النجاة.
{تَراءَ االْجَمْعانِ} أبصر كل فريق أصحابه (١٥٧ /أ) قرئ {إِنّا لَمُدْرَكُونَ} بتشديد الدال وكسر الراء (١) من ادّرك الشيء: إذا تتابع وهلك. قرئ (كل فلق) (٢) والفلق والفرق بمعنى واحد، والطود: الجبل العظيم.
{وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦٨) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ (٦٩) إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ (٧٠)}
{وَأَزْلَفْنا ثَمَّ} حيث انفلق البحر {الْآخَرِينَ} قوم فرعون، أي: قربناهم من بني إسرائيل.
وقرئ {وَأَزْلَفْنا} بالقاف (٣)، أي: أزللنا أقدامهم، ويحتمل أن يكون الله تعالى جعل البحر لبني إسرائيل طريقا يبسا، ولفرعون وأصحابه زلقا. قيل: كان جبريل بين صفي موسى وفرعون فكان يقول لبني إسرائيل: ليلحق آخركم أولكم، ويقول لأصحاب فرعون:
(١) قرأ بها الأعرج وعبيد بن عمرو. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٢٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٧٥)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣١٦)، مختصر الشواذ لابن خالويه (ص: ١٠٧).
(٢) تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٧٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣١٦).
(٣) قرأ بها أبي وابن عباس وعبد الله بن الحارث، والمعنى: وأذللنا وأهلكنا. وقراءة الجمهور "وأزلفنا".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٢٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٢٧٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣١٦)، المحتسب لابن جني (٢/ ١٢٩).