{وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا (١٠) هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (١١) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاّ غُرُوراً (١٢) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاّ فِراراً (١٣)}
{مِنْ فَوْقِكُمْ} من أعلى الوادي من قبل نجد وهم غطفان {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} من أسفل الوادي قريش؛ تحزبوا وقالوا: سنكون جملة واحدة؛ حتى نستأصل محمدا.
{وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ} مالت عن مستوى نظرها حيرة. وقيل: عدلت عن كل شيء فلم تلتفت إلى عدوّها من شدة الخوف. الحنجرة: رأس الغلصمة (١) وهي منتهى الحلقوم. وإذا زاد الهم أو الخوف أو البلاء ارتفع القلب إلى الحنجرة، ويجوز أن يكون تمثيلا للهول، وإن لم يبلغ الحناجر حقيقة. {وَتَظُنُّونَ} يشمل الظان المخلص والمشكك، فيقول الظانون بالحق:
الله يبتلي عباده بما يشاء، ويقول الشاكون: لو تيقّنا الحق لانتصرنا وما انهزمنا. والوعود التي سبقت من النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت إلا غرورا بالنصر.
{الظُّنُونَا} و {الرَّسُولا} و {السَّبِيلا} قرئت بإلحاق ألف في الوصل؛ إجراءا له مجرى الوقف (٢)؛ كقوله من الوافر:
أقلّ اللوم عاذل والعتابا ... وقل لي إن أصبت لقد أصابا (٣)
(١) الغلصمة: رأس الحلقوم، وهو الموضع الناتئ في الحلق والجمع: الغلاصم. وقيل: الغلصمة: اللحم الذي بين الرأس والعنق. وقيل: متصل الحلقوم بالحلق. ينظر: لسان العرب (غلصم).
(٢) قرأ نافع وابن عامر وشعبة عن عاصم وأبو جعفر "الظنونا" بإثبات الألف وصلا ووقفا. وقرأ أبو عمرو وحمزة ويعقوب "الظنون" بحذف الألف وصلا ووقفا، وأثبتها وقفا وحذفها وصلا عاصم في رواية حفص عنه والكسائي وابن كثير وخلف.
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٢١٧)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٧٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٠٤)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٥١٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٥٣ - ٢٥٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٤٧).
(٣) البيت لجرير ينظر في: خزانة الأدب (١/ ٦٩)، الخصائص لابن جني (٣/ ٦٩)، الدرر اللوامع (٥/ ١٧٦)، ديوان جرير (ص: ٨١٣)، شرح أبيات سيبويه (٢/ ٣٤٩)، شرح الأشموني (١/ ٢١)، همع الهوامع (٢/ ٨٠).