ملك بيده سوط من نار إذا عصى الجني ضربه به من حيث لا يراه الجني.
{يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (١٣)}
المحاريب: المساكن والمنازل الشريفة. وقيل: هي المساجد. والتماثيل: الصور من الملائكة والنبيين والصالحين؛ كان يعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوها، وإنما أمر سليمان عليه السلام بعمل الصور وهي حرام في شرعنا؛ لأنه كان مباحا في شرعهم، ويجوز أن يراد أنهم كانوا يعملون تماثيل الأشجار وما لا روح فيه.
وروي: أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين في أعلاه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان ذراعيهما، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما.
والجوابي: الحياض الكبار، قال من الطويل:
تروح على آل المحلّق جفنة ... كجابية الشيخ العراقي تفهق (١)
لأن الماء يجبى (٢٠١ /أ) إليها، أي: يجمع، جعل الفعل إليها مجازا وهي من الصفات الغالبة؛ كالدابة، وقيل: كانت الجفنة يجلس عليها ألف رجل.
{راسِياتٍ} ثابتات. {اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً} فيه دليل على أن الشكر يكون قولا وفعلا. {شُكْراً} مفعول لقوله: {اِعْمَلُوا} أو حال، أو مصدر؛ كأنه قال: اشكروا شكرا.
{الشَّكُورُ} المتوفر على الشكر، الباذل وسعه فيه. وقيل: يشكر على الشكر، أو يرى أنه عجز عن الشكر، والعجز عن درك الإدراك إدراك، وعن داود أنه جزّأ ساعات الليل والنهار على أهله، فلم تكن تأتي ساعة من الساعات إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي.
وسمع عمر رجلا يقول: "اللهم اجعلني من ذلك القليل، فقال عمر: كل الناس أفقه
(١) البيت للأعشى، ينظر في: غريب الحديث لابن سلام (١/ ١٠٦)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٥٧٢)، لسان العرب لابن منظور (حلق، جبى) وقال ابن منظور في لسان العرب (جبى):" خص العراقي لجهله بالمياه؛ لأنه حضري فإذا وجدها ملأ جابيته وأعدها ولم يدر متى يجد المياه وأما البدوي فهو عالم بالمياه فهو لا يبالي ألا يجدها، ويروى: كجابية السيح، وهو الماء الجاري ". وتفهق: تمتلئ حتى تكاد تتدفق.