ولك أن تجعل" ما "في قوله: {وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} نافية، أي: ولم تعمله أيديهم.
{سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)}
{الْأَزْواجَ} الأصناف {وَمِمّا لا يَعْلَمُونَ} ومن أزواج لم يطلعهم الله عليها. وفي الحديث:" أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر " (١).ونحوه: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (٢) {مُظْلِمُونَ} داخلون في الظلام، يقال: أظلمنا؛ كما يقال: أعتمنا.
{لِمُسْتَقَرٍّ لَها} لحد مؤقت. قيل: المستقر: هو مجراها من المشرق إلى المغرب، ومن المغرب إلى المشرق؛ فهو مجراها الذي لا تفارقه. وقرئ (تجري إلى مستقر لها) وقرأ ابن مسعود:" تجري لا مستقر لها " (٣) {ذلِكَ تَقْدِيرُ} أي: ترتيب الشمس والقمر في البروج وسيرهما على حساب لا يختل نظمه أي تقدير {الْعَزِيزِ} الغالب {الْعَلِيمِ} بالمصالح.
قرئ" والقمر " (٤) رفعا على الابتداء، أو عطفا على الليل، ولا بد من تقدير مضاف؛ أي: قدرناه ذا منازل؛ لأن القمر نفسه لم يصر منازل. {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} هو العذق وشبه به؛ لأنه يصفر عند يبسه صفرة ليست بنيّرة كصفرة القمر إذا عاد هلالا وقال
(١) تقدم تخريجه في سورة السجدة.
(٢) سورة السجدة، الآية (١٧).
(٣) قرأ ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وزين العابدين وابنه الباقر والصادق بن الباقر" لا مستقر لها " وأما القراءة الثانية فلم أقف على من قرأ بها. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٣٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٨٥)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣٦٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٢٨٦)، مجمع البيان للطبرسي (٨/ ٤٢٣)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢١٢).
(٤) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وروح" والقمر "بالرفع، وقرأ الباقون" والقمر "بالفتح. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٧/ ٣٣٦)، تفسير القرطبي (١٥/ ٢٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٩٨) الحجة لأبي زرعة (ص: ٥٩٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٥/ ٤٨٥)، السبعة (ص: ٥٤٠)، فتح القدير للشوكاني (٤/ ٣٦٩)، الكشاف للزمخشري (٣/ ٣٢٢)، النشر (٢/ ٣٥٣).