الزجاج: العرجون: فعلون من عرج، إذا انعطف، ثم سير هذين الكوكبين على طريقة لا تنخرم (١) وهو معنى قوله: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ}.
وأقل مدة تتصف بالقدم سنة، فلو حلف: لا يبقي عنده عبدا قديما. وكان عنده عبد له سنة في ملكه حنث. هكذا قال الزمخشري (٢) وليس ذلك بمذهب الشافعي (٣).
وإنما جعل للشمس معنى الإدراك وللقمر نفي السبق؛ لأن القمر يقطع الفلك في كل شهر فهو حقيق بأن يوصف بسرعة السير، والشمس لا تقطعه إلا في سنة كاملة فهي حقيقة بعدم الإدراك لبطء سيرها. {ذُرِّيَّتَهُمْ} يطلق على النساء؛ تقول: سبا ذريته، أي: نساءه " ونهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن قتل النساء والصبيان " (٤).
{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاّ رَحْمَةً مِنّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٥) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٧)}
وذريتهم أيضا اسم للآباء والأجداد في قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} أي: حملنا آباءهم في سفينة نوح، وهم في أصلاب آبائهم. {مِنْ مِثْلِهِ} أي:
من مثل الفلك. {ما يَرْكَبُونَ} من السفن والزوارق. الصريخ: المغيث أو الإغاثة نفسها.
{إِلاّ رَحْمَةً مِنّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ} إلى أجل يموتون فيه، قال الشاعر (٢١٣ /أ) من الوافر:
ولم أسلم لكي أبقى ولكن ... سلمت من الحمام إلى الحمام (٥)
(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٢٨٨).
(٢) ينظر: الكشاف للزمخشري (٤/ ١٧).
(٣) ينظر: الأم للإمام الشافعي (٧/ ٦١).
(٤) رواه البخاري رقم (٣٠١٥)، ومسلم رقم (١٧٤٤)، وأبو داود رقم (٢٦٦٨)، والترمذي رقم (١٥٦٩)، وابن ماجه رقم (١٨٤١)، وأحمد في المسند (٢٣، ٢/ ٢٢)، وابن حبان في صحيحه رقم (١٣٥) عن ابن عمر ب.
(٥) البيت للمتنبي، ينظر البيت في: تفسير أبي السعود (٧/ ١٦٩)، روح المعاني للألوسي (٢٣/ ٢٨)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١٨).