{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (١١) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (١٢) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣) قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (١٦) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ (١٧)}
{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ} بإخلاص الدين. {أُمِرْتُ} بذلك لأجل أن {أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} أي:
مقدمهم وسابقهم إلى الجنة، ولك أن تجعل اللام مزيدة مثلها في أردت؛ ل "أن" أفعل، ولا تزاد إلا مع "أن" خاصة دون الاسم الصريح {أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} أي: في زماني، وأن أكون أول المدعوين إلى الإسلام السابقين إليه، وأمرت أن أكون أول من سبق قومي إلى الإسلام، ولا أكون ممن يؤمر بشيء ويفعل خلافه.
{قُلِ اللهَ أَعْبُدُ} أي: أخصه بالعبادة. {قُلْ إِنَّ} الكاملين في الخسران {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} فأوقعوها في الهلكة، وخسروا أهليهم؛ لأنهم إن كانوا كفارا فقد خسروا كخسرانهم، وإن كانوا مؤمنين فيفرق بينهم تفريقا لا يجتمعون بعده أبدا، ولقد بالغ في خسرانهم حتى جعل جملة مستأنفة، وصدرها بحرف التنبيه، ووسط قوله: {هُوَ} وأدخل الألف واللام في {الْخاسِرِينَ} ووصفه بكونه مبينا. {وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} هي تحتهم، وهي ظلل لآخرين معذبين. {الطّاغُوتَ} فعلوت من الطغيان كالملكوت والرحموت؛ يطلق على الجمع وعلى المفرد وعلى المذكر والمؤنث.
{اِجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها} وقال في تذكيرها: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} (١) وعلى المفرد والجمع: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ} (٢). {أَنْ يَعْبُدُوها} بدل اشتمال من {الْبُشْرى،} {لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} تبشرهم الملائكة وهم داخلون عليهم من كل باب، وعند حضور الموت بقولهم: {نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ} (٣).
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النّارِ (١٩) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ}
(١) سورة النساء، الآية (٦٠).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٥٧).
(٣) سورة فصلت، الآية (٣١).