وقوله: "فإذا رَسُولُ الله ﷺ مُسْتَخْفِيًا" أي: صادفته أو ما أشبه ذلك، وَالْمُسْتَخْفِي: المُتَوَارِي، وَالاخْتِفَاءُ: الإِخْرَاجُ.
وقوله: "جُرَآءُ عَلَيْهِ قَوْمُهُ" أي: غالبون متسلطون غير هائبين له، جمع جَرِيءٍ وهو الْجَسُورُ.
وقوله: "إِنِّي مُتَّبِعُكَ" أي مصاحب وملازم لك، وليس المراد الاتباع إيمانًا، ولو أراد ذلك لما أَخَّرَهُ ولما قال: "لا تَسْتَطِيعُ ذلك يَوْمَكَ هَذَا".
وقوله: "قَدْ ظَهَرْتُ" يجوز أن يُحْمَلَ على البروز؛ لأن قد سبق ذكر الاستخفاء، ويجوز أن يحمل على الغلبة والعلو يقال: ظَهَرَ على الرجل أي: غلبه، وظَهَرَ على السطح أي: علاه وظهره أيضًا.
وقوله: "أَتَحَيَّنُ الأَخْبَارَ" أي: أرقب حينها، يقال: تَحَيَّنَ طعامه أي: وقت أكله.
وقوله: "مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ" يمكن أن يُجْعَلَ قوله: "من أهل الْمَدِينَةِ" بدلًا وتفسيرًا لأهل يثرب، ويمكن أن يقدر أن لسانه سبق إلى لفظ يثرب ثم أعرض عنه لما روي أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ غير الاسم لما فيه من التَّثْرِيبِ وسماها (طابةً) (١) فتداركهـ باللفظة الأخرى (٢).
وقوله: "ثُمَّ أَقْصِرْ عن الصَّلَاةِ" أي: أَمْسِكْ، يقال: أَقْصِرْ عن الشيء أي: كُفَّ، ومنه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ (٣) والمقصود الصلاة التي تكره في أوقات الكراهة لا كل صلاة على ما هو مبينٌ في المذهب.
(١) في د: طيبة. وكلاهما مروي.
(٢) رواه أحمد (٥/ ٩٦، ١٠٦).
(٣) الأعراف: ٢٠٢.