وطائفة ثالثة يَتْرُكُونَ الاختيار وَيُوَافِقُونَ الأَقْدَارَ فلا يَبْقَى لها تَلَذُّذٌ (١) ولا اسْتِعْذَابٌ ولا رَاحَةٌ ولا عَذَابٌ، وَتَقْضِي بهم دَوَاعِي الْمُوَافَقَةُ والْمُسَاعَدَةُ.
قال أبو الشِّيصِ وأحسن:
كامل
وَقَفَ الْهَوَي بِي حَيْثُ أَنْتَ فَلَيْسَ لِي … مُتَأَخَّرٌ عَنْهُ وَلَا مُتَقَدَّمُ
أَجِدُ الْمَلَامَةَ فِي هَوَاكَ لَذِيذَةً … حُبًّا لِذِكْرِكَ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ
أَشْبَهْتَ أَعْدَائِي فَصِرْتُ أُحِبُّهُمْ … إِذْ كَانَ حَظِّي مِنْكَ حَظِّي مِنْهُمُ
وَأَهَنْتَنِي فَأَهَنْتُ نَفْسِي صَاغِرًا … مَا مَنْ يَهُونُ عَلَيْكَ مِمَّنْ أُكْرِمُ
قَرَأْتُ على والدي ﵀ قال: أَنَبَا أبو الأَسْعَدِ قال: أَنَبَا الصَّفَّارُ قال: أنبا السُّلَمِيُّ قال: سُئِلَ الْمُرْتَعِشُ (٢): بماذا تُنَالُ المَحَبَّةُ؟
فقال: بِمُوَالَاةِ أَوْلِيَاءِ الله وَمُعَادَاةِ أعدائه، وأصله المُوَافَقَةُ، ثُمَّ نَظَرَ إلى بعض جُلَسَائِهِ فقال: أَنْشِدْنِي الْأَبْيَاتَ التي كنت تُنْشِدُهَا (٣).
فأنشده البيتين الأخيرين من القطعة.
وَأُنْشِدُكُمْ لِنَفْسِي:
سريع
(١) في س: تكدر. والمثبت من د، "طبقات الشافعية" للسبكي.
(٢) هو: أبو محمد عبد الله بن محمد النيسابوري الحيري تلميذ أبي حفص النيسابوري. انظر "سير أعلام النبلاء" (١٥/ ترجمة ٨٧).
(٣) "طبقات الصوفية" لأبي عبد الرحمن السلمي (ص ١٠٠).