الحاشية العليا: "رب يسر" لا يُغْفل ذلك على كثرة ما كتب من تعاليقه في الأصول والفروع مذهبًا وخلافًا، ومن كتب الحديث واللغة وغيرها.
ومات ابنه محمد بن ملكداد في عنفوان الشباب قبله، وهو فاضل حسن المنظر والمخبر فبلغني من قوة الشيخ وتسليمه أنه حضر الجامع بكرةً على عادته لإلقاء الدروس على أصحابه -وابنه الشاب الواجد لما به- فأتته زليخا بنت القاضي أبي سعد الطالقاني وهي جدتي أم أمي وكانت تحته حينئذٍ، فأخبرته بوفاته فأمرها بالقيام بتجهيزه ولم يذكر الحال للحاضرين حتى فرغ من درسه ثم قال: إن محمدنا قد دعي فأجاب، فمن أراد فليحضر الصلاة عليه.
تفقه على محيي السنة صاحب "التهذيب" وعلَّق مجموعه عليه بعبارة أبسط مما يوجد في التصنيف وبزيادة فروع ومسائل، وتفقه أيضًا على القاضي أبي سعد الهروي، وكان مُحَصِّلًا طول عمره حافظًا كثيرَ البركةِ، تخرَّج به جماعةٌ من أهل البلد وغيرهم.
ومدحه محمد بن أبي الربيع الغرناطي الأندلسي بقصيدة قال فيها:
طويل
إِذَا مَا تَلَا التَّنْزِيلَ أَذْعَنَ حَاسِدٌ … لِحَبْرٍ إِمَامٍ لَا يَنُوهُ بِالدَّعْوَي
وَإِنْ أَسْنَدَ الْأَخْبَارَ عَنْ سَيِّد الوَرَى … يَقُولُ لهُ الإِسْلَامُ فَخْرًا كَذَا يُروَي
وَإِنْ قَامَ في مِحْرَابِهِ بَادِيَ الضَّنَا … وَطَوَّلَ قُلْتَ الغُصْنَ جَفَّ فَمَا يُلوَي
يَمُدُّ يَديهِ شَاكِيًا سُوءَ مَا جَنَي … إِلَى خَيرِ مَرْفُوعٍ إِلَيهِ يَدُ الشَّكْوَى
يَقُولُ إِلَهِي هَبْ لي الْآنَ زَلَّتِي … وَمَا اسْتَدْرَجَ الشَّيطَانُ مِنِّيَ وَمَا اسْتَهَوي
فَذَاكَ الفَتَي كُلُّ الفَتَي لَيْسَ عِنْدَهُ … يسُودُ لَدَى التَّحصِيلِ إِلَّا فَتىَ التَّقوَى